الثورة – رولا عيسى:
تعيش سوريا مرحلة جديدة من التغيير الاقتصادي، وتتفتح معها أبواب الفرص للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
وعليه ماهي الملامح العامة، وكيف يمكن أن نقرأ التغييرات في المشهد الاقتصادي والاستثماري؟
يقول الخبير الاقتصادي والنائب رئيس غرفة تجارة دمشق سابقاً ياسر إكريم: إنه بعد تسعة أشهر من التغييرات الجذرية في السياسة الاقتصادية والهيكلية، بدأت ملامح مستقبل سوريا الاقتصادي في الظهور بشكل مختلف.
تعديل الفكر الاستثماري
ويضيف في حديثه لـ”الثورة”: مع تعديل الفكر الاستثماري والانفتاح على العالم، تبنت سوريا سياسات جديدة في التجارة والاستثمار، ساعية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وبحسب إكريم، رغم التحديات الكبرى التي واجهتها البلاد، بدأت تظهر مؤشرات إيجابية على عودة المستثمرين السوريين والعرب والأجانب إلى السوق السورية.وينوه بأنه منذ بداية العام، شهدنا تحولات جوهرية في الواقع الاقتصادي السوري، وتعديلات على القوانين الاقتصادية، انفتاح أكبر على العالم، وتوسيع العلاقات التجارية مع الدول الكبرى.ويشير إلى أن هذه التغييرات كانت ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وقد بدأنا نرى نتائجها، وتعديلات قانونية منحت الشركات والاقتصاديين مرونة أكبر، وهو ما ساهم في عودة العديد من المستثمرين السوريين المغتربين إلى بلادهم بعد غياب طويل.
تطور حقيقي
ويرى أنه يمكننا أن نلمس تطوراً حقيقياً في مشهد الطاقة، إذ شهدنا زيادة ملحوظة في الإنتاج الكهربائي الذي تضعه الحكومة على رأس أولوياتها، فبعد سنوات من التقنين، أصبح هناك تضاعف في القدرة الإنتاجية للطاقة، ورغم أن البنية التحتية للطاقة تحتاج إلى وقت طويل للتطوير الكامل، إلا أن هذه الخطوة تعتبر بداية قوية.
النائب السباق لرئيس غرفة تجارة دمشق يبدي تفاؤله، بما بتوقيع الحكومة السورية العديد من العقود الاستثمارية الضخمة مع شركات عالمية، وخاصة الخليجية منها، فالخليجيون قادرون على تقديم إسهام كبير في بناء سوريا، كما أن ما تمتلكه سوريا من فرص كبيرة يدعوهم لذلك، ومنها مجال الذكاء الصنعي والاتصالات ومختلف الخدمات التي غابت لـ15 عام عن سوريا.وهنا يقول: البنية التحتية هي الأخرى شهدت تحسناً كبيراً، بعد توقيع عقود ضخمة مع شركات دولية، منها شركات تركية وإماراتية، لبناء مشاريع كبرى مثل المترو وتحديث المطار وميناء طرطوس.
ويعتبر أن هذه المشاريع تعد خطوة كبيرة نحو تحديث الاقتصاد السوري، وفتح المجال للاستثمار في القطاع الخاص، بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الحكومة في إنجاز العديد من المشاريع الحيوية، التي تساهم في دعم الاقتصاد بشكل مباشر.
جذب الوفود
في الوقت ذاته- والكلام للخبير الاقتصادي، بدأت سوريا تجذب وفوداً استثمارية من دول الخليج العربي، خاصة السعودية وقطر والإمارات، هذه الوفود تأتي بمشاريع ضخمة وفرص استثمارية في مختلف القطاعات مثل الطاقة، الصناعات التحويلية، والتكنولوجيا الحديثة.ويتابع: من المتوقع أن تساهم هذه الاستثمارات في تحسين بيئة الأعمال وتطوير القطاع الخاص، الذي لا يزال بحاجة إلى المزيد من الدعم والاهتمام.
ويلفت إكريم إلى تحسن واضح في دخل العاملين في القطاعين العام والخاص فالأول يقترب مع الزيادة القادمة من200دولار والثاني وصل إلى 300 دولار، مستشهداً بأن الصين عندما بدأت نهوضها بدأت بدخل يعادل 100دولار للعاملين، إذاً حجم المؤشر يعطي تفاؤل ومؤشر جيد.
تحديات
لكن هناك تحديات مازالت تواجه الاستثمار في سوريا، ومن وجهة نظر إكريم، أبرزها الحاجة إلى بنية تحتية اقتصادية أكثر تطورًا، خاصة في قطاعات الخدمات الحديثة مثل الذكاء الصناعي وتكنولوجيا المعلومات، كما أن النظام المالي والمصرفي بحاجة إلى إصلاحات إضافية لتسهيل المعاملات المالية والمصرفية بين سوريا والعالم الخارجي.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يعتبر أن هناك مؤشرات إيجابية، خاصة فيما يتعلق بمستوى الدخل في القطاع الخاص الذي ارتفع بشكل ملحوظ، مما يعكس تحسن الوضع الاقتصادي العام، وبالنظر إلى التطورات الحالية، يمكن القول: إن سوريا تسير في الاتجاه الصحيح نحو بناء اقتصاد مستدام يعزز من الاستثمارات المحلية والدولية.
ويختم حديثه بالقول: إن سوريا تضع الآن الأسس لبناء اقتصاد قوي ومستدام، ورغم أن الطريق لا يزال طويلًا، فإن المشاريع التي تم إطلاقها والإصلاحات التي تم تنفيذها تمنحنا نظرة تفاؤلية لمستقبل البلاد، مؤكداً أنه سيكون هناك دائماً تحديات، لكن الفرص التي تلوح في الأفق تجعلنا أكثر إيماناً أن سوريا على أعتاب مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي.