إدارات القطاع الصناعي تجهل ضبط مسارها بما يتناغم مع الحكومة

الثورة – وفاء فرج:

أكد خبراء اقتصاديون أن ما تشهده الساحة الاقتصادية السورية حالياً لا يمكن وصفه بـ”الانفتاح الاقتصادي” بقدر ما هو “انكشاف اقتصادي من طرف واحد”، مشيرين إلى غياب الضوابط اللازمة التي تحد من مخاطر تأثيرها على القطاعات الاقتصادية، مما أدى إلى تراجع معظمها، وعلى رأسها الصناعة الوطنية.

خصوصية غريبة جداً

واعتبر نائب رئيس غرفة تجارة دمشق السابق محمد الحلاق أن الاقتصاد السوري الحالي ليس مجرد اقتصاد سوق تنافسي حر، بل هو “اقتصاد سوق تنافسي حر بخصوصية غريبة جداً”، إذ تتوافر السلع في لحظة وتختفي في أخرى، معتبراً أن هذه نقطة خطرة جداً في ظل توفر أدوات الإنتاج والفكر الإنتاجي وإمكانية استيراد كل ما يلزم للصناعة.

وأوضح أن الإنتاج غائب رغم كل هذه العوامل بسبب انعدام التنافسية، رغم الجهود المبذولة لحماية وتمكين الصناعة، منوهاً بأن هذا الوضع ناتج عن التمسك بما كان سائداً سابقاً من نفقات وأعباء، وعدم وضوح خارطة الطريق.

وأشار الحلاق إلى أن معرفة النفقات والأعباء وكيفية إدارة الاقتصاد هي أمور تؤثر على القطاعات الإنتاجية، وأن إدارات القطاع الصناعي لا تزال تجهل كيفية ضبط مسارها بما يتناغم مع الحكومة.

واستشهد بقانون التأمينات الاجتماعية الذي يشكل 24بالمئة من حصة الراتب، بينما لا يستطيع الصناعيون التصريح بالراتب الكامل الذي يصل إلى 7-10 ملايين، بل يسجل 3 ملايين فقط، مما يشكل عبئاً كبيراً.

ودعا إلى التفكير في كيفية تشجيع الإنتاج من خلال البدء بضريبة صفرية ثم زيادتها تدريجياً، معتبراً أنه في ظل الواقع الحالي لا يمكن أن تكون الضريبة صفرية.

غير واضح المعالم

واعتبر الحلاق أن اقتصاد اليوم “غير واضح المعالم” نتيجة ضعف القوة الشرائية الشديد، ووفرة المواد المستوردة، وضعف الإنتاج بسبب عدم القدرة على التصدير.وبيّن أن رفع القدرة التصديرية يتطلب تفعيل دور هيئة دعم الصادرات، أسوة بدول الجوار والعالم، لمنح المنتجات تنافسية أعلى وفتح أسواق جديدة.

وأضاف: إن الجميع يعلم “الوجع” ولا يتخذ الإجراء القاسي لمعالجته، منوهاً إلى أن استقالة غرفة صناعة بالكامل هي ناقوس خطر كبير على مستوى القطر، وأن هذه الاستقالة لم تكن نتيجة مطالب شخصية بل مطالب عامة. ودعا إلى “وقفة صدق” للبحث عن الوجع ومعالجته بحلول جذرية وليس بمسكنات.

نحو اقتصاد تنافسي

من جهته، يرى مدير غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي أن جميع التسميات والتوصيفات الحالية “غير دقيقة”، وأن الوضع الاقتصادي الحالي هو “مرحلة انتقالية بكل مفهوم المرحلة الانتقالية” من حيث الأدوات والسياسات والاستراتيجيات.

وبيّن أنه يتم الانتقال إلى اقتصاد تنافسي بعدما كان اقتصاداً شبه مركزي مع أدوات بسيطة باقتصاد السوق، وكان هناك تشريعات وسياسات مفرطة في المركزية وتدخلات إدارية من الدولة، موضحاً أنه اليوم، وبعد إعلان هذا الموضوع، هناك حالة مؤقتة وانتقالية لإدخال عوامل التنافسية على الصناعة والتجارة، حيث أصبحت السلع الأجنبية متوفرة بكثرة تتنافس مع الصناعة المحلية.

ودعا إلى أن يكون هذا التنافس إيجابياً باتجاه تطوير الصناعة المحلية والميزة التنافسية لها، وأن يتواكب ذلك مع تأمين متطلبات النجاح بالعمل الصناعي والتجاري المحلي لجهة الطاقة والكهرباء والمستلزمات الأساسية، واستخدام التعريفات الجمركية كضمانة للصناعة.

ولفت إلى أن مرحلة عدم التوازن الحالية ستتحول إلى توازن بعد إدراك جميع القطاعات الاقتصادية أن “التنافس هو الأساس وأن المنع والتقييد هو الاستثناء”. ودعا الجميع للعمل بكفاءة وطاقات إنتاجية قصوى، والاستفادة من الأسواق الخارجية والاتفاقيات مع دول العالم لدخول السلع السورية إليها، وأن تعمل الصناعة والزراعة السورية بطاقات إنتاجية كبرى تحقق وفورات الحجم الكبير.

أحادي الجانب

من جانبه قال عضو جمعية العلوم الاقتصادية محمد بكر: “لنعد في البداية لتعريف الانفتاح الاقتصادي الذي يعرف بأنه تسهيل لحركة دخول وخروج (استيراد وتصدير) السلع والخدمات، وكذلك دخول وخروج الأموال والاستثمارات والعمالة من وإلى الأسواق الخارجية، أي من الطرفين المحلي والخارجي”.

وأضاف: إن ما حدث فعلاً لا يمكن تسميته انفتاحاً اقتصادياً من طرفين، بل هو انكشاف اقتصادي وانفتاح اقتصادي من طرف واحد (استيراد) أكثر بكثير من التصدير، وذلك بسبب انهيار الصناعة المحلية في سنوات الأزمة وهجرة الصناعيين والعمال المهرة إلى دول العالم، وبالأخص مصر وتركيا اللتين كان لهما النصيب الأكبر من رؤوس الأموال والصناعيين والعمال المهرة.

وأوضح أنه حتى الآن لم يتوفر نظام اقتصادي منظم مبني على أسس سليمة، والجميع يلاحظ إغراق الأسواق بكل أنواع السلع المستوردة والرخيصة، خاصة ما يسمى “بضاعة ون دولار”.

وأكد بكر أن استمرار انكشاف الاقتصاد المحلي أدى وسيؤدي إلى تراجع معظم القطاعات الاقتصادية، مثل إغلاق الكثير من المصانع.

وتابع: كما تأثرت الزراعة وتربية الثروة الحيوانية بشدة وتراجعت بسبب عدم قدرتها على الصمود والمنافسة في ظل ظروف الانكشاف، وعدم وجود حماية أو دعم للمنتج المحلي، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم توفر حوامل الطاقة، وخاصة الكهرباء، ما أدى إلى انخفاض القدرة التنافسية لكل القطاعات.

واعتبر أن ذلك بسبب وجود خلل هيكلي مزمن في القطاع الاقتصادي يتمثل بتغييب القطاع الصناعي والزراعي عن المشهد الاقتصادي السوري.

مساوئ ومحاسن

وبين بكر أهم مساوئ الانفتاح الاقتصادي، منها: زيادة الاعتماد على البضائع المستوردة، وتراجع الصناعة والزراعة المحلية، وفقدان السيطرة على القرارات الاقتصادية.

ونوه بأن هناك محاسن للانفتاح الاقتصادي لو تم تنظيمه وضبطه، مبيناً أنه بسبب وجود المنافسة ستتحسن الإنتاجية والجودة، وتتوفر فرص عمل وتنخفض معدلات البطالة، ويتحسن مستوى المعيشة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات النمو وجذب الاستثمارات وتعزيز الابتكار وتوطين صناعات متطورة وإدخال التكنولوجيا الحديثة لقطاعي الصناعة والزراعة.

وأكد على ضرورة وضع أسس وضوابط صارمة للانفتاح الاقتصادي ودعم القطاع الصناعي والزراعي ليتمكن من منافسة البضائع المستوردة.

آخر الأخبار
"المخترع الصغير".. حيث يولد الإبداع وتصنع العقول مجلس الشعب مسؤولية وطنية لبناء دولة القانون تأهيل جسر "عين البوجمعة" بريف دير الزور سوريا تطلق مشروع تنظيم المهن المالية وفق المعاييرالدولية التأمين الهندسي.. درع الأمان لمشاريع الإعمار والتنمية اختتام زيارة لـ"الجزيرة نت" و"نادي الإعلاميين" إلى صحيفة "الثورة" ما بين السطور في مهب الرايخ واشنطن تقلّص وجودها في العراق وتعيد توجيه بوصلتها نحو سوريا رحلة الاقتصاد الجديد بدأت..ماذا عن الأبواب الاستثمارية المفتوحة؟ إدارات القطاع الصناعي تجهل ضبط مسارها بما يتناغم مع الحكومة «سيبوس 2025».. منصة لانطلاقة سورية نحو الاقتصاد العالمي مذكرة تفاهم بين جامعتي حلب و"الدولية للعلوم والنهضة" الخاصة جمعية "الصنوبر" في طرطوس.. مبادرات لحماية التراث والبيئة "لصوص الكابلات" في حلب.. أزمة جديدة تهدد ما تبقى من البنية التحتية المتطوع علاء جنجارو سطر رسالة في العطاء والتضحية الصناعة الدوائية الخاصة تفتح أبواب العمل والتأهيل المعتقلون المحررون محملون بذكريات لا تحتمل.... طبيب يحارب الصدمة بالصبر والأمل جامعات سورية وعربية تلتقي لبناء مستقبل التعليم دوري الأبطال.. البطل يُثبت علو كعبه ويهزم برشلونة مونديال الشباب.. المغرب تهزم البرازيل