الثورة – مها دياب:
في ظل التحولات الوطنية التي تشهدها سوريا، يبرز التعليم العالي كأحد الركائز الأساسية لإعادة بناء المجتمع وتمكين الشباب.
ومن هذا المنطلق، يأتي ملتقى الجامعات والتوظيف والتأهيل التدريبي ليجمع تحت سقف واحد مؤسسات أكاديمية من مختلف المحافظات والدول، بهدف تقديم رؤية متكاملة حول مستقبل التعليم وفرص العمل، مشكلاً مساحة تفاعلية للتعريف بالجامعات، ومناهجها، وآليات التسجيل فيها، والفرص التي تتيحها للطلاب السوريين داخل البلاد وخارجها.
من جامعة دمشق العريقة إلى جامعة إدلب المستقلة، ومن الجامعات الخاصة المحلية إلى المؤسسات الدولية، كجامعة فيلادلفيا الأردنية، تتقاطع التجارب لتؤكد أن التعليم هو البوابة الأوسع نحو التعافي الوطني، وأن الاستثمار في الطالب هو استثمار في مستقبل سوريا.
جامعة دمشق
فادي حديد من كلية الحقوق في جامعة دمشق، ومن الفريق التطوعي للجامعة، يوضح أن المشاركة في الملتقى تهدف إلى إيصال قيمة جامعة دمشق للناس، سواء في التعليم النظامي أم التعليم المفتوح.
ويشير إلى أن الكثير من الطلاب باتوا يتجهون نحو الجامعات الخاصة، أو يفكرون في السفر، رغم أن جامعة دمشق مدرجة ضمن قائمة أفضل ألفين جامعة عالمياً، والتي تأسست عام 1903، وكانت بدايتها في كلية الطب، والصيدلة، واللغة التركية، ثم تطورت ثقافياً واجتماعياً وسياسياً لتصبح مؤسسة تعليمية عريقة.
ويؤكد حديد أن الجامعة تقدم للطلاب إرشاداً في اختيار التخصصات، سواء في مرحلة البكالوريا أم الدراسات العليا، ويعتبر الملتقى فرصة مثالية لتوجيه الطلاب نحو الطريق الصحيح، تماماً كما كان هو بحاجة لمن يرشده في بداياته.
جامعة إدلب
المسؤول اللوجستي في جامعة إدلب أحمد زودة، يشرح أن الجامعة تأسست عام 2015 بعد تحرير محافظة إدلب، وكانت في البداية امتداداً لجامعة حلب، ثم أصبحت مستقلة تماماً.
بدأت الجامعة بنظام تكميلي للطلاب الذين كانوا يدرسون في جامعات أخرى، ثم تطورت تدريجياً لتضم حتى عام 2023 ثمانية عشر كلية وسبعة معاهد تشمل جميع الفروع العلمية والطبية والهندسية والأدبية.
الجامعة تقدم برامج دراسات عليا تشمل الماجستير والدكتوراه، وتم تخريج عدد جيد من حملة هذه الدرجات.
وبين زودة أنه من ناحية التجهيزات، تضم الجامعة أحدث التقنيات، بما في ذلك الحاسوب المحمول والمخابر المجهزة بأحدث المستهلكات المخبرية والطبية، وكلها على حساب الجامعة دون تحميل الطالب أي تكاليف إضافية، والمناهج المعتمدة مستمدة من الجامعات السورية، مع إضافة كتب ألفها دكاترة محليون وتم اعتمادها ضمن منهاج جامعة إدلب.
وأوضح أن التسجيل في الجامعة يتم عبر نظام المفاضلة المعتمد من وزارة التعليم العالي، بنفس المعدلات المعتمدة في الجامعات السورية.
أما السكن الجامعي، فأوضح زودة أنه بدأ بمبانٍ مؤقتة للذكور والإناث، وهناك مشروع لبناء سكن جامعي جديد من المتوقع إنجازه خلال سنتين أو ثلاث، ليكون جاهزاً لاستقبال الطلاب في بيئة مناسبة.
من حيث التكاليف أشار أن الجامعة معقولة جداً مقارنة بجامعات أخرى، وأن الطالب يمكنه الدراسة بمبلغ بسيط نسبياً، دون الحاجة لتحمل أعباء مالية كبيرة.
جامعة التكنولوجيا الخاصة
الدكتورة ريهام انطاكي من الجامعة الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا، تستعرض تخصصات الجامعة التي تشمل طب الأسنان، والصيدلة، والهندسات المعمارية والمدنية والمعلوماتية، بالإضافة إلى الإدارة والاتصالات.
وتوضح أن الجامعة تتميز بكادر تدريسي من خيرة الأساتذة، والباحثين الذين ينشرون أعمالهم في مجلات عالمية محكمة، مما ينعكس إيجاباً على تصميم البرامج الأكاديمية، مشيرة إلى أن الجامعة توفر للطلاب المعدات والتجارب العملية اللازمة، وتعتبر بيئة تعليمية متكاملة.
وأوضحت أن طريقة القبول تعتمد على المعدلات المعتمدة من وزارة التعليم، مع وجود امتحانات خاصة لبعض التخصصات مثل الهندسة المعمارية والجرافيك.
وقالت: تعتبر الجامعة الملتقى للفرص الوظيفية، إذ يتم استقطاب الطلاب للعمل، فهو فرصة لتعريف الزوار بالجامعة وموقعها في الجمهورية العربية السورية.
وتحدثت عن الدور الهام للقائمين على الجامعة والكادر الإداري، وتصف البيئة التعليمية بأنها حاضنة للتميّز، وتشير إلى أن رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عمار ناصر يقود المؤسسة برؤية تطويرية واضحة.
جامعة فيلادلفيا
رئيس قسم القبول ورئيس قسم مختبرات الحاسوب في جامعة فيلادلفيا الأردنية محمد خير أحمد ثلجي، لفت إلى أن الجامعة تعتبر الأولى بين الجامعات الخاصة في الأردن، وتضم واحدة من أكبر الجاليات السورية، وتضم عشر كليات تقدم أكثر من ستة وثلاثين تخصصاً، منها كلية الآداب والعلوم التربوية، كلية الأعمال، كلية تكنولوجيا المعلومات، كلية الصيدلة، كلية التمريض، كلية الحقوق، كلية العلوم الطبية المساندة، كلية العمارة والتصميم، وكلية الهندسة والتكنولوجيا.
وتقدم أيضاً برامج ماجستير، ومعترف بها عالمياً وفق معايير بريطانية وأسترالية، إذ حصلت على تصنيفات متقدمة، مثل: الكيو اس البريطاني، واليونيرانك الأسترالي، وويب ميتركس الإسباني.
وأشار أن الطلاب السوريون يمكنهم التقديم عبر الإنترنت، ثم يتم استكمال الإجراءات من خلال الجامعة التي تتولى إصدار التأشيرات والموافقات من وزارة الداخلية والتعليم العالي الأردنية، مبيناً أن توفر الجامعة خيارات سكنية متعددة في مدن مثل عمان وإربد والزرقاء، مع خدمات على مدار الساعة ومواصلات مجانية للطلاب.
ويؤكد خير أن الجالية السورية في الجامعة كبيرة ومتميزة، ويعتبر أن العلاقة بين الأردن وسوريا هي علاقة شعب واحد، ويشعر الطلاب السوريون بأنهم في بلدهم الثاني، ومشاركة الجامعة في الملتقى كانت مميزة، حيث كانت الجامعة الأردنية الخاصة الوحيدة الحاضرة، مما منحها تميزاً خاصاً في الفعالية، إلى جانب مؤسسات أكاديمية أخرى مثل أكاديمية الطيران، وهو ما يعكس اهتمام الجامعة بالتواصل العربي وتوسيع حضورها الإقليمي.
بوابة أمل
ملتقى الجامعات في سوريا لا يعرض مؤسسات تعليمية فقط، بل يعكس إرادة وطنية في بناء مستقبل أكاديمي متطور، من جامعة دمشق العريقة إلى إدلب المستقلة، ومن التكنولوجيا الحديثة إلى فيلادلفيا الدولية، تتكامل الرؤى لتقديم تعليم يواكب العصر ويخدم المجتمع.. هذا الحراك الأكاديمي هو أحد وجوه التعافي السوري، إذ يصبح التعليم بوابة الأمل، والعمل المشترك أساسا للنهوض.