طلب شخص افتراضي صداقتي ضمن فضاء العالم الافتراضي مستخدماً لقباً كبيراً دفعني للولوج المباشر إلى صفحته التي ازدانت بعدد من أصدقائي الحقيقيين والافتراضيين، بعضهم أستاذ جامعي ومهندس وإعلامي وشاعر وغيرهم، فبدأت أقلب شهاداته وخبراته ومنشوراته ونشاطاته المتعددة، فهو شيخ عارف يفك السحر ويجلب الغائب ويستجلب الزوج ويرد المطلقة وفوق هذا وذاك يزيد في الأموال والأرباح ولا يترك مسألة أو مشكلة إلا وعنده حلها، مستخدماً قدراته الذاتية التي رفعته فوق مقدرات البشر من خلال معارفه وإيمانه باعتباره (العارفة) القادر على كشف المستور ومعرفة الغيب، ويقدم حالات استطاع فيها تحقيق أكاذيبه الكثيرة والمثيرة.
والأمر لا يقف عند ادعاءاته وشعوذته، إنما الغريب والمستهجن تلك التفاعلات الكثيرة التي تدعمه وتشد على يده وتؤيد ألاعيبه عبر شهادات يقدمونها للمتابعين.
قد يكون الأمر متعلقاً بأصحاب ومجموعات تعمل معه وتسانده للمضي في مشروعه الشيطاني، ولكن أن أجد عدداً ممن وصفت من بين من يطلبون مشورته ونصائحه ليرد عليهم بالذهاب إلى البريد الخاص للتواصل معه وإيجاد الحل المناسب لمشكلاتهم، فذلك أمر مخيف يوحي بأن بعض أصحاب الشهادات الجامعية يعطلون تفكيرهم ويضعون أنفسهم بين أيدي النصابين بمحض اختياراتهم ويهدرون عقولهم قبل أموالهم، ويبنون علاقاتهم بأزواجهم وأبنائهم وأقاربهم وأصحابهم وفق تقديرات المنجم الكاذب. فهل يعد هذا الأمر طبيعياً؟
وهل يأتي بصورة عفوية؟
وهل يوجد هيئات أو مجموعات تدعم هذه الظاهرة؟
وأخيراً كيف تنتشر هذه الظاهرة، وتجد من يناصرها ويدعمها؟
قد يقول المرء إن التخلف العلمي في المجتمعات الفقيرة يدفع الإنسان للبحث عن الخلاص عبر الخرافات والأكاذيب التي يسوقها الدجالون والنصابون على هيئة شعوذة مشفوعة بقليل من الروايات المقدسة، ولكن الواقع يشير إلى أن ثمة تنظيمات وجهات فاعلة وعارفة تعمل على تشجيع مثل هذه الظواهر التي تعمل على إضعاف المجتمعات وتفكيكها وصولاً لتحقيق هدف السيطرة عليها، ويتم تجريب الكثير من الأساليب التي تدعم انتشارها عبر الترويج لها إعلامياً ودعائياً بحيث يتم تسويقها بقوة حتى تغدو وكأنها ثقافة اجتماعية سائدة.
السؤال الأهم والذي يجيب على جميع التساؤلات وهو لماذا لا تقوم إدارة مواقع التواصل الاجتماعي بحذف هذا المحتوى الكاذب والتخريبي بينما تعمد إلى حجب الصفحات والحسابات الشخصية للأفراد الذين ينتقدون شخصية عامة أو ينشرون صورة لا تتناسب مع سياستهم وخصوصية أهدافهم ومراميهم، ليبقى العتب الأكبر ملازماً للمتعلمين الذين قضوا سنوات طويلة في تحصيلهم العلمي والجامعي ويضعونه كله خلف ظهورهم ويستعينون بالمقامات وأصحاب الخطوة والمشعوذين.