تراجع غير مسبوق وقع في الأسبوعين الأخيرين على سعر صرف الليرة مقابل العملات الدولية السيادية، في خطوة غير متوقعة أفرزت آثاراً سلبية جداً على الأوضاع المعيشية والقدرة الشرائية للمداخيل، في ظل فلتان غير مسبوق كذلك في الأسواق المحلية.
لعل عوامل كثيرة تتحكم في سعر الصرف منها ما هو بنيوي، ومنها ما هو إداري، وفي كل الأحوال يبقى تعامل المواطن على أساس سعر الصرف هو الفيصل في شحن هذا السعر من تهميشه أو تبريده وفقاً للمصطلح الدارج في سوق المال، وبعبارة أخرى فإن ارتفاع سعر الصرف قد يكون ناجماً عن عوامل تراجع موارده وقلّة توافره ناهيك عن الحاجة إلى زيادة حنكة إدارته، في حين أن جزءاً كبيراً من هذا الارتفاع يعود إلى التداولات التي يجريها المواطنون بين بعضهم بعضاً بشكل يومي وإسقاط سعره على كل السلع، وهنا يأتي دور من لا يقومون بدورهم.
الأسواق هي العصب الحساس لكل ما هو موجود في البلاد، سواء اتصل بها أم لم يتصل، فعند اهتمام المواطن بسعر الصرف، فذلك عائد حكماً لاحتساب البائع سعر سلعه على أساس القطع الأجنبي في يوم البيع، وهي سلع حصل عليها من تاجر استوردها قبل أشهر، وبسعر مختلف تماماً عن السعر الحالي، وعليه فإن الحل والربط في هذه المسألة يكون في السوق وآلية التعامل معه.
إن كانت غذائيات المواطن وأسرته مؤمنة عن طريق الحكومة وصالات القطاع العام بشكل حقيقي لا صوري، فما الحافز الذي يدفعه للحديث وإشعال سوق القطع بالشائعات؟ وإن كان من عقاب حقيقي رادع لكل تاجر يبيع ويحدد سعر المفرق لبضاعته التي استوردها بسعر أقل، فمن الذي سيقدم على تأجيج سعر الصرف باحتساب سلعة على أساس سعر اليوم الذي يحدده أصلاً تاجر هنا أو هناك؟
وعلى ذات النسق فإن الفكرة العامة تنطلق من أن احتكار الدولة لبعض القطاعات بات ضرورة لا غنى عنها بعد أن أثبتت سنوات فاقت العشر أن غذاء المواطن وطاقته ودواءه لا يمكن أن يترك بين أيدي تاجر أو رجل أعمال أو كائن من كان، بل المنطق يقول ببقائه بين أيدي الدولة لا غيرها.
السابق