الفن الشعبي مرتبط بالأسلوب وليس بالموضوع، فموضوع دمشق القديمة وهو موضوع شعبي بامتياز ، حين يجسد برؤية واقعية أو تقريرية أو مباشرة مفهومة من الناس جميعاً يصبح فناً شعبياً، وعلى خلاف ذلك حين يقدم بطريقة تعبيرية مبسطة ومختزلة وعفوية يخرج من إطار الفن الشعبي ويدخل إطار فن النخبة.
وثمة نقاط التقاء بين الفن الفطري والفن الشعبي، فهما يلتقيان في أن كلاهما موجه لعامة الناس، ولا يحتاج لثقافة بصرية من المتلقي.
وثمة علاقة متداخلة وملتبسة بين مصطلح الفن الفطري ومصطلح الفن الشعبي، ولإزالة هذا الالتباس نشير إلى أن الفن الشعبي يشمل كل الفنون الموجهة لعامة الناس، ومن ضمنها: الفن الواقعي الذي يسمى في الغرب “بوب آرت” أي فن جماهيري، والملصق الإعلاني، وفن الكاريكاتير، والفنون الزخرفية “الآرابسك” وفن المنمنمات وغيرها من الفنون الواضحة والمفهومة، والتي لا تحتمل التأويل والاجتهاد ، الذي تتحمله اللوحة الحديثة وخاصة التجريدية والتعبيرية.
وأول إشكالية وقع فيها الفن الفطري، تكمن في أن أكثرية الفنانين والنقاد والمتابعين ينظرون إلى الفنان الفطري على أنه بلا ثقافة فنية، أي إنه أمي من الناحية الفنية، شأنه في ذلك شأن رائد الفن الفطري المعاصر في سورية أبو صبحي التيناوي، وهذه مغالطة كبيرة تقع فيها أكثرية الدراسات والكتابات والتنظيرات.
فالفنان الفرنسي الفطري “هنري روسو” لم يكن أمياً، وكان يدخل في نقاشات وصدامات حادة مع كبار الفنانين المعاصرين، ولوحات العديد من كبار قادة الفن الفطري في العالمين الغربي والشرقي، تبدو أكثر عصرنة وحداثة من لوحات العديد من الفنانين المعاصرين.
كما أن هناك أكاديميين حائزين على درجة الدكتوراه في الفن الفطري، وهم يمارسون هذا الفن، ويقدمونه في معارضهم الفردية والمشتركة، فهل نقول عنهم بأنهم لا يمتلكون ثقافة، وبأنهم أميون فنياً، ولا يتفاعلون مع جماليات الفنون الحديثة والمعاصرة.
السابق
التالي