الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
بارد جداً هذا الصباح
ومتعب ومضجر وتتثاقل فيه الأحداث
تتعثر أين اتجهت
كأن أوتدة غرست في كل الاتجاهات
حين فتحت نافذة المطبخ الكبير
ألقت نظرة سريعة على الشجيرات
اخضرارها باهت
والقطة اختارت ركناً يقيها البرد
بحزن وانكسار
حتى إنها بقيت صامتة
لم تطلب فطورها المعتاد
تشعر بوطأة غيابه
كل ما حولها مر باهتاً ثقيلاً
وتشعر أنها منسية، مهملة
في منزلها الكبير
فكرت بالهرب إلى مكان بديل
ريثما يعود من سفره القصير
هو في المغرب البعيد
وهي تقبع هنا
يضيق بها المكان
وتعجز عن عبور غرفته الكبيرة
أقفلتها جيداً
واستوطنت أخرى
وحدها تشرب قهوة الصباح
مرة وسوادها يجعلها غارقة
في خطوط فنجان يرميها في شتى الاحتمالات
وهي مقيدة في المكان
حين فتحت باب الحديقة
انتبهت أنها حافية القدمين
أمسكت بالمقص تقتطع بعض الأوراق الخضراء
لصنع شرابها الصباحي الأخضر
هل تحتضن تلك الشجيرات
علها تعوضها إيماءات صباحية
كان يتقنها وهو يجلس وحده قبالتها
يناجيها وفي كل صباح يرويها
كأنها في حلم
كيف تمضي الأيام في غيابه
بلا لون…بلا حياة
كأن لا أحد غيره في الوجود
والضباب يغطي المكان
مرت أيام الحرب معه
كأنها لم تحدث
ولكنها في غيابه
في هذا الصباح
تشعر أنها عبرتها وحدها
مرة أخرى أوقدت لتجهز بعض القهوة
شعرت أنها لم ترتوي
في غيابه
لا شيء يرويها
الضباب الكثيف
يحيط بها كأنها أسيرة غارقة
في حلم غريب لا تتبدل فيه الأوقات
في غيابه لا يأتي المساء
في غيابه كل شيء ينطفئ
وتضيع الأحلام
كأن لا أحد غيره في الوجود
بدونه عاجزة عن إعلان الحياة
تطوي أوراق الروزنامة وتفلتها
وتنتظر أن تقفز الأيام
موقنة أنه يستحقها كلها
حتى وإن داهمتها أحياناً بعض
الخيالات الباهتة
إلا إنها سرعان ما تمررها
إليه لتعلق به من جديد
العدد 1125 – 20-12-2022