الثورة – ترجمة: رشا غانم
اكتشف العلماء حديثاً بأنّ مقبرة قديمة مليئة بأحافير الزواحف البحرية المنقرضة، كانت بمثابة أرض ولادة منذ 230 مليون سنة، حيث تعدّ حديقة برلين إكثيوصور الحكومية في نيفادا بالولايات المتحدة الأمريكية موطناً لبقايا ما لا يقل عن 37 إكثيوصور، وهي زواحف على شكل سمكة كانت في يوم من الأيام بحجم حافلة مدرسية.
الآن، يرجح علماء من معهد سميثسونيان في واشنطن، بأنّ الموقع هو المثوى الأخير للكثيرين من تلك الزواحف، لأنهم ذهبوا إلى هناك للولادة، فالإكثيوصورات، التي انقرضت منذ حوالي 90 مليون سنة، هاجرت إلى الموقع هرباً من الخطر، تماماً مثل الحيتان الزرقاء والحدباء اليوم، والإكثيوصور هو نوع من الزواحف التي ازدهرت في العصر الترياسي والجوراسي والطباشيري، ونشأت من المحيط منذ حوالي 252 مليون سنة، وانتقلت إلى الأرض قبل أن تتطور في النهاية، وتعود إلى المياه، اسمها يعني سحالي السمك باللغة اليونانية، وهي مشهورة بشكلها الشبيه بالأسماك، والذي يشبه الدلافين اليوم.
هذا وقد أثارت مجموعة من الإكثيوصورات التي يبلغ طولها 50 قدماً والمتحجرة في المقبرة حيرة علماء الحفريات لأكثر من نصف قرن، حيث تم طرح العديد من النظريات حول سبب وفاتها جميعاً هناك، بما في ذلك حدث تقطع للسبل جماعي أو أنها تسممت بسم من تكاثر الطحالب القريب.
ألقى الباحثون نظرة فاحصة على أحافير الإكثيوصور، لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم العثور على بعضها. ويبدو أن الزواحف السبعة التي بقيت هناك ماتت في الوقت نفسه تقريباً، ثمّ قام العلماء بقياس وتوثيق عظامهم جسدياً، وأعادوا تحليل بيانات المتحف المؤرشفة، كما أنشؤوا نموذجا ثلاثي الأبعاد للسرير الأحفوري باستخدام مئات الصور وملايين القياسات النقطية التي تم التقاطها في الموقع.
من جهته، قال نيل كيلي، من جامعة فاندربيلت: إن هذا النموذج سمح لهم بدراسة الطريقة التي تم بها ترتيب هذه الحفريات الكبيرة فيما يتعلق ببعضها البعض، كما جمع الفريق عينات من الصخور التي أحاطت بالحفريات، وأجروا اختبارات جيو كيميائية يمكن أن تكشف سبب مقتل تلك الحيوانات.
وتبيّن، بأنّ الأول يتعلق بالزئبق، مما يشير إلى أن المتسبب في موتها، كان ثوراناً بركانياً واسع النطاق، ولكن لم يتم العثور على مستويات كبيرة منه، وبعد ذلك، قاموا بفحص وجود أنواع مختلفة من الكربون مما يشير إلى زيادة سريعة في المواد العضوية في الرواسب البحرية من تكاثر الطحالب، حيث يمكن للطحالب أن تستنفد ماء الأكسجين وتخنق الحياة البحرية، وبينما تتنفس الإكثيوصورات الهواء، كان من الممكن أن يحرمها حدث كهذا من الفريسة.
مرة أخرى، لم يكن هناك دليل على ذلك، لذلك نظر الفريق بعد ذلك إلى الجيولوجيا والحفريات في الحجر الجيري المحيط بالمحجر رقم2، حيث وجدوا أدلة جيولوجية تشير إلى أن عظام الإكثيوصورات غرقت في قاع البحر عندما ماتت، بدلاً من الخط الساحلي الضحل، واستبعد هذا حدث تقطع السبل الجماعي كسبب للسرير الأحفوري الكثيف، ووجد الباحثون أيضاً أنه بصرف النظر عن بقايا الإكثيوصور، كان هناك القليل جداً من الأدلة المتحجرة على وجود أي فقاريات أخرى في الموقع.
بدوره، قال المؤلف المشارك د.نيكولاس بينسون: هناك الكثير من الهياكل العظمية الكبيرة والبالغة من هذا النوع في هذا الموقع ولا شيء آخر تقريباً، ولا توجد فعلياً بقايا لأشياء مثل الأسماك أو الزواحف البحرية الأخرى لتتغذى عليها هذه الإكثيوصورات، ولا توجد أيضاً هياكل عظمية صغيرة من الشونيصور، ويشير هذا إلى أن الحاضرين الوحيدين قد وصلوا إلى مرحلة النضج.
وأخيراً، وجد علماء الحفريات أدلة أثبتت أنها نظرية، بدلاً من دحض واحدة، عظام وأسنان صغيرة، حيث كشف التصوير باستخدام فحوصات الأشعة السينية بالأشعة المقطعية الدقيقة والمقارنة مع البقايا الأخرى أن هذه جاءت من الإكثيوصورات الجنينية وحديثي الولادة.
وأوضّح الدكتور كيلي: إنه بمجرد أن أصبح واضحاً أنه لا يوجد شيء يأكلونه هنا، وكان هناك شونيصور بالغا كبيرا جنباً إلى جنب مع الأجنة وحديثي الولادة ولكن لا يوجد أحداث، بدأنا نفكر بجدية فيما إذا كان هذا قد يكون أرضاً للولادة.
تهاجر العمالقة البحرية الحديثة، مثل الحيتان الزرقاء والحدباء والرمادية، إلى المياه الأكثر دفئاً حيث يوجد عدد أقل من الحيوانات المفترسة للتزاوج، في بعض الأحيان يقطعون آلاف الأميال إلى المناطق نفسها كل عام، ويشير هذا البحث إلى أن الإكثيوصورات فعلت الشيء نفسه، ونتيجة لذلك، يعتقد الباحثون أن الإكثيوصورات استخدمت الأرض نفسها للتكاثر.
وختم الدكتور بينسون بالقول: هذه إشارة بيئية واضحة، بأن الـشونيصور اعتاد على هذا المكان للولادة، كما حصل مع الحيتان اليوم، والآن لدينا دليل على أن هذا النوع من السلوك عمره 230 مليون سنة.

السابق