الثورة- ترجمة محمود اللحام:
بعد مرور ما يقرب من ثلاثين عامًا على اتفاقيات أوسلو، لم يعد من المرجح أن يتحقق حل الدولتين في الوقت الذي يخضع فيه قطاع غزة لحصار صارم، فإن الصعوبات التي يواجهها سكان الضفة الغربية، الخاضعون لتدابير الحصار، لاتزال تتفاقم.
لقد عانى الفلسطينيون بالفعل منذ قيام كيان “إسرائيل” عام 948 ، وطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين المنتشرين في مخيمات اللاجئين.
لكن في الفترة ما بين 1967-1969 أحدثت التنظيمات الفدائية مفاجأة وملأت الفراغ الذي خلفته نكسة 1967، حيث حمل جيل جديد من الفلسطينيين السلاح، وأعلن أن التحرير سيكون من عمل الفلسطينيين أنفسهم.
كانت إعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية إيذانا بالعودة السياسية لشعب كانت “إسرائيل” قد وعدت نفسها بمحوه، وسمحت لفلسطين باستعادة مكانتها على الخريطة الجيوسياسية.
في غضون سنوات قليلة، كانت منظمة التحرير الفلسطينية ترسي وجودها في مخيمات المنفى، لاسيما في الأردن ولبنان، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وتدريجياً، تم الاعتراف بها على أنها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
إن التاريخ الحقيقي والملموس واليومي للحركة الصهيونية منذ إنشائها في نهاية القرن التاسع عشر، مع الأخذ في الاعتبار الاختلافات العميقة التي مرت بها ، يندمج مع حركة غزو العالم من قبل الغرب، يحمل وصمات العار.
بعد اندلاع حرب 1967، كتب المستشرق الفرنسي ماكسيم رودنسون، مقالاً بعنوان: “إسرائيل ، حقيقة استعمارية”، نشر في مجلة Les Temps Modernes: أعتقد أنني قد أثبتت أن تشكيل “إسرائيل” على الأرض الفلسطينية هو تتويج لعملية طويلة تتناسب تماماً مع حركة التوسع الأوروبية الأمريكية الكبرى في القرنين التاسع عشر والأمريكي القرن العشرين لسكان الشعوب الأخرى والسيطرة عليها اقتصادياً وسياسياً. علاوة على ذلك، في ذلك الوقت، أكد مؤسس الصهيونية السياسية تيودور هرتزل ذلك علانية، على سبيل المثال في رسالة إلى سيسيل رودس، أحد الغزاة البريطانيين لجنوب إفريقيا: “برنامجي هو برنامج استعماري”.
هذا الطابع الاستعماري للحركة الصهيونية دلّ منذ البداية على سياسة الفصل العنصري بين المستوطنين والفلسطينيين السكان الأصليين، كما هو الحال في أمريكا الشمالية وأستراليا وجنوب إفريقيا، لطالما اعتبر الاستعمار الاستيطاني السكان الأصليين محتلين غير شرعيين يمكن طردهم أو حتى ذبحهم.
المصدر: لوموند ديبلوماتيك