عن قصد أو غير قصد ممن يضع مسوّدتها ويقترحها، تفرض بعض القرارات والإجراءات حالة من الاحتكار لصالح مجتمع الأعمال أو ربما لجزء منه، والذي بات منقسماً على نفسه ويتبادل الاتهامات مع بعضه بعضاً حول ذات المسألة التي تراعي مصالح فئة قليلة وتهمّش فئة كثيرة.
على الأرض تبدو الأمور أوضح كثيراً من غرف الاجتماعات واللجان والمجالس، فكل شيء ممنوع من الألبسة وصولاً إلى البسكويت، وهي حالة احتكارية بامتياز تبعاً للتدني في مستوى الجودة والغياب الكامل غير المبرر للمواصفة، اللهم إلا إيرادها على غلاف أو بطاقة السلعة، وبالتالي نكون أمام حالة لسوق مغلق وبإحكام يُسمح فيه فقط للسلع المحلية غير الشبيهة بالسلع الصالحة للاستعمال أو الاستهلاك بالتواجد، وما على المواطن إلا استهلاكها، لأنه ما من شيء غيرها، ما يعني أن المنتج يعرف سلفاً أن المواطن مستهلك إنتاجه، ولا شك لكون السوق باتت حكراً عليه في هذا القطاع.
في السياق ذاته، فالمشهد يبدو أكثر سوءاً، إذ إن السلعة الرديئة تحظى بأعلى الأسعار وأكثرها إجحافاً وسط حالة من الفلتان للأسواق، ما يعني عدم وجود سلطة رادعة للتاجر والبائع والمصنّع والمنتج والمستورد وسواهم من ذات الفئة، وحتى تكتمل الحلقة فإن السوق لا يحتوي غير هذه السلع الرديئة، في ظل منع أي سلعة موازية في السوق.
ثلاثية المنتج الرديء والمنع ومكافحة الجودة أفرزت وبامتياز احتكاراً غير مسبوق لسوق متعطّشة لكل سلعة موجودة في العالم، في غياب حقيقي (تبعاً لتغير أولويات المرحلة) لكل الأحاديث التي كان بعض كبار الموظفين يتحدثون عنها، كغضّ البصر عن بعض مخالفات التجار تلافياً لحدوث فجوة سلعية في السوق.