الثورة:
في كواليس العلاقات بين المبدعين الكثير من القصص والحكايا، بعضها يكاد يكون جحيما على أحدهم لاسيما اذا كان في بداياته، والآخر مشهورا..
وقسم آخر يدل على الصراحة والندية بينهما ..
وفي الأدب العربي مرت كثير من مثل هذه العلاقات ..اليوم من مذكرات الأدب العالمي نورد حكايات مهمة جدا عن العلاقة بين تشيخوف وتولستوي، طبعا كلاهما قامتان ادبيتان في الأدب العالمي.
تشيخوف الذي أسس معالم فن القصة ألم يقل أحدهم كلنا خرجنا من معطف تشيخوف، أما تولستوي فهو الركن الأكبر في هذا المشهد ..عن العلاقة بينهما يكتب الدكتور جودت هوشيار قائلا:
كان انطون تشيخوف يجل ليف تولستوي إجلالا عظيماً ، ولكن موقف تولستوي من كتابات تشيخوف كان متناقضا.. عندما كان يعجب بقصة من قصص تشيخوف يقرأها أكثر من مرة، ثمّ يتلوها على زوار منزله، ويشيد بالقصة وبموهبة الكاتب. كما حدث عندما قرأ قصة “العزيزة ” . في حين لم تحظ قصة ” السيدة صاحبة الكلب ” بإعجابه رغم أنها من أفضل قصص تشيخوف ، وهي تعد اليوم من روائع الأدب العالمي.
و جاء في مذكرات ايفان بونين ان تشيخوف كان يقول إنه يخاف تولستوي ، يقول ذلك وهو يضحك كما لو كان يفرح لهذا الخوف..
ويضيف بونين ، أنه رأى تشيخوف ذات مرة يتهيأ لزيارة تولستوي. وكان حائرا أي بنطلون يلبس ، نزع نظارته فبدا أصغر سناً .وكعادته كان يتحدث وهو يمزج بين المزاح والجد، وظل ساعة كاملة يبدل بنطلونه.. وفي كل مرة يخرج من غرفة النوم ببنطلون جديد.
في عام 1901 علم تشيخوف ان تولستوي مريض فتوجه على الفور الى ياسنايا بوليانا ، ورآه مستلقيا في سريره ، ويبدو مرهقا ، شاحب الوجه ، فجلس على مقعد بجوار سرير تولستوي، وأخذا يتحدثان نحو ساعة تقريبا عن الأدب . وعندما استأذن تشيخوف بالذهاب ، سحبه تولستوي من يده وقال: “قبّلني” . ثم همس في أذنه: “شكسبير كان يكتب مسرحيات رديئة، وأنت تكتب أسوا منه”.
ولاحقا قال تشيخوف لبونين :” ان ما يعجبني في تولستوي خصوصا هو ما لاحظته من ازدرائه لنا جميعًا ، نحن الكتّاب الآخرين ، أو بالأحرى ، إنه لا يعتبر الكتاب الآخرين ، شيئًا على الإطلاق . فهو يثني على موباسان ، وكوبرين ، وسيميونوف وعليّ . ولكن لِمَ يثني علينا أحياناً ؟ انه يفعل ذلك لأنه يعتبرنا أطفالا ويعاملنا كأطفال.
إن قصصنا ورواياتنا هي بالنسبة اليه لعب أطفال ، يلاطفنا او يمتدحنا حينا ، و يزجرنا ويشيح بوجهه عنا حينا آخر . وأردف تشيخوف قائلاً :
“اما شكسبير فإنه مسألة أخرى. انه ند تولستوي و يستفزه ، لأنه كان يكتب على نحو آخر وليس على طريقة تولستوي. تولستوي حامي الأدب والأدباء ولو غيبه الموت فسيتركنا جميعا أيتاماً.