الملحق الثقافي:
تابعت الصحفية يسرى ناصر هلال ما قاله الكتاب عن جدوى الكتابة وكانت هذه الحصيلة:
للكتابة أحياناً بالنسبة للكاتب مفعول الدواء أو فلنقل مفعول النسمة المنعشة في صيف قائظ، فلها وحدها القدرة على امتصاص الغضب والضجيج الداخلي ولها وحدها إمكانية التعبير الصادق عن مكنونات النفس ونوازعها، قبل أن تكون ومضة ضوء موجهة نحو المجتمع تبحث عن مكمن خلل أو وسيلة للحل. فالكتابة حالة إبداعية خاصة لا يمتلك زمامها إلا من أوتي الموهبة والقدرة بالإمساك بعنان الكلمات قبل أن تنطلق من بين يديه كفرس جامحة.
ويعبر الكثير من الكتاب عن الكتابة بأنها متعة حياتهم وسبب وجودهم ومصيرهم الأبدي الذي لا فكاك منه، فالكاتب التشيكي فرانز كافكا وجد في الكتابة هدف حياته وجوهر وجوده.
والكاتب الروسي فيدور ديستوفسكي كان يكتب من أعماق روحه ويصور كل الانفعالات والحالات النفسية التي يمر بها الإنسان حتى تبدو شخوصه كأنهم بشر حقيقيون يعيشون بيننا بمعاناتهم وصدق مشاعرهم، حتى قال عنه سيجموند فرويد مؤسس علم النفس الحديث: (كل مرة أنتهي من كتابة بحث عن حالة نفسية أجد ديستوفسكي قد كتب عنها في رواياته).
أنطون تشيخوف الطبيب الذي أصبح من أعظم الأدباء في الأدب الإنساني كان يقول: (إن الطب هو زوجتي والأدب حبيبتي)، أما الكاتب البريطاني جورج أورويل فقد ذكر بأنه قرر منذ أن كان طفلاً بأنه سيصبح كاتباً، رغم أنه يقر بصعوبة معرفة دوافع كاتب دون معرفة شيء عن تطوره المبكر وعصره الذي يعيش به، ويُحدد أورويل أربعة دوافع للكتابة، هي: حب الذات، والحماسة الجمالية، ثم الحافز التاريخي والهدف السياسي، ويضيف أورويل أيضاً (أكثر ما رغبت به هو أن أجعل من الكتابة السياسية فناً).
أما الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي فتقول: (أحتاج أن أروي قصة، إنه هاجس فكل قصةٍ هي بذرة في داخلي، تبدأ في النمو والنمو حتى تصبح كالجنين، ويجب عليّ أن أتعامل معها عاجلاً أو آجلاً).
وتضيف الليندي (على مرّ السنين، اكتشفتُ أن كل القصص التي رويتها، وكل القصص التي سأرويها مرتبطة بي بشكل أو بآخر).
والكتابة بالنسبة للكاتبة والروائية العراقية الكبيرة لطفية الدليمي فهي كما تقول: (متعة شخصية خالصة كمثل متعة الحب الكتابة بالنسبة لمن يدرك سرها فعل حرية نمارسه مع أنفسنا دون انتظار مباركة أو تكريس من خارج ذواتنا وكلما اتجهت الكتابة إلى البحث عن ثمن أو مردود لها في عالم السوق تحولت إلى سلعة قابلة للفساد، يالجمال الكتابة عندما لا تنتظر سوى متعة لحظتها التي تتوالد وتكبر في حياة الكاتب كفعل الحب العظيم شكراً للحياة لأنني أكتب ما أحب وأحب).
أما الكاتب المصري الكبير نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب فيصف الكتابة بأنها نشاط إبداعي لا يستطيع أن يعيش دونه، لأنه كما يصف نفسه (أشبع رغبة بداخلي في أن اكتب). ويصف الكاتب السوري الكبير حنا مينا نفسه بأنه (كاتب الكفاح والفرح الإنسانيين) ويضيف مينا (مهنة الكاتب ليست سواراً من ذهب بل هي طريق شاق صعب).
وحينما سُئل الأديب والكاتب التركي أورهان باموك الفائز بجائزة نوبل في الآداب لماذا تكتب؟، قال ببساطة: (أكتب لأن تلك رغبتي، أكتب لأنني لا أقدر على القيام بشيء آخر غير الكتابة، أكتب كي أشير أو أناقش بعض الآراء التي وردت في كتبي، أكتب لأنني غاضب منكم جميعاً، من العالم كله. أكتب لأنه يروق لي أن أنزوي في غرفتي اليوم كله. أكتب لأنني لا أستطيع تحمل الحقيقة إلا وأنا أغيّرها، أكتب حتى يعرف العالم أجمع أي حياة عشنا، وأي حياة نعيش، أكتب لأنني أحب رائحة الورق والحبر، أكتب لأنني أؤمن فوق ما أؤمن به، بالآداب وبفن الرواية، أكتب لأن الكتابة عادة وشغف).
أما الروائي المغربي الطاهر بن جلون فيقول: (أكتب لأنني أحب ممارسة الكتابة، وأحب أن أكتب بصراحة وبكل إحساسي، الكتابة بالنسبة لي ممارسة يومية ولا أعتبرها عملاً شقياً بل اعتبرها واجباً قومياً.. أقوم به بكل شغف)، كما يقول الشاعر العراقي الكبير عبدالوهاب البياتي: (أكتب كي لا أموت، أكتب كي أستطيع مقاومة الموت وهذا يعني الكثير).
العدد 1128 – 17-1-2023