الثورة – أيدا المولي:
البسي ماتشائين من الثياب. كل الأزياء مطروحة في واجهات المحال ابتداء من عصر الخمسينات وربما ماقبل ذلك وصولا الى هذا العام، إن أردت الفضفاض أو الضيق وإن أردت التنورة القصيرة أو الطويلة، لن ينظر اليك أحد ويقول إنها تلبس من عصر قديم أو إنها تلبس زياً أوربياً، ولن يتغامز أحد على حذاء متسخ ومتشقق أو بنطال مشقق فهو موضة لاعيب فيها. فلم الحيرة فيما نرتدي وكل صناع الموضة ينصحون بعدم التفريط بموديلات قديمة لأنها ستعود أو يمكن إضافة بعض القصات او الشرائط ليبدو الثوب القديم نضرا كالوردة.ومعظم مصممي الموضة يستقون جمال التصميم من العصور القديمة حتى لو كانت نقوشاَ على فستان.
إن راقبت حركة الشارع والزي الذي تلبسه المرأة السورية على سبيل المثال فلن تجد هوية أي محافظة متجسدة في اللباس، على عكس ماكان سائداً من لباس المرأة في المنطقة الوسطى أو في الجنوبية او في الساحل أو البادية، حيث كانت تعرف المرأة من الزي الذي تلبسه.. إنما اليوم فلا هوية من خلال اللباس. ليست مسؤوليتي ولامسؤولية أحد آخر إن خرج نمط اللباس التقليدي من الساحة وحل محله كل شيء واي شيء، وليس مناسباً اليوم ان تلبس الصبية رداء فضفاضاً طويلاً وشالاً طويلاً وتخرج في وسائل النقل مثلاَ، ولايمكن ان ترتاد الجامعة بغطاء رأس جداتنا، لكن يمكن ان تلبسه في المهرجانات لتثبت انتماءها الى بلدها أو تقدم به فقرة فنية أو مسرحية. وكانت المفاجأة التي مازالت تدهشنا يوماَ بعد آخر ان انفتاح العالم ألغى الحدود بكل التفاصيل التي تحتويها الحدود، وبالتالي ليس هناك مايدعو للاستغراب لأن الانتماء لم يعد للباس وللزي مع انه كان أحد مفرداته المهمة وكان مصدر ثقة وجمال وأناقة تشبه أناقة أميرات اليونان وملكات الشام، وفي كل العصور كان الزي يعبر عن هوية البلد، أما اليوم فكل الناس تعلم ان مايحدد الهوية هو زي الفقير وزي الغني..
الفقير يحاول الوصول الى مايهتم به أقرانه لكنه لايصل إلى مايريد والغني بملاحقته لأحدث صيحات الموضة وبذخ الأموال لإثبات انتمائه إلى العالم الذي يريد، والمفارقة العجيبة أن كثيرا من هؤلاء ينظر بعين الدهشة إلى مايرتديه الفقراء.وبالتالي الاثنان لايلتقيان لكنهما نموذجين فريدين كما تقول الكاتبة أحلام مستغانمي
“ان الفقير ثري بدهشته، أما الغني ففقير لفرط اعتياده على مايصنع دهشة الآخرين”

السابق