رنا بدري سلوم:
لا تزال إشارات الاستفهام ومخاوف عدة تتمحور حول قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الصادر مؤخراً، بطلب الحصول على «السجل التجاري» الذي جاء كالمخلّص الذي يرصد الحركة التجارية وسيحاسب المتلاعبين في الأسواق التي حكمتها الفوضى في الفترة الأخيرة من عملية البيع والشراء، والمشكلة أنه لا وقت كاف ليستوعب التاجر أهمية السجل التجاري، فالمدة المحدّدة نهاية الشهر القادم، وهو ما جعل الكثير من المالكين يسعون إلى التسجيل عليه، ولكن فئة ليست بالقليلة لا تملك أوراقاً ثبوتية لملكية المحال أو عقد إيجار، أو مشكلة من لديه سجل في غير محافظة، ومنهم من لا يملك من عقد ملكية المحال سوى فاتورة كهرباء وهو ما لا تقبله وزارة التجارة الداخلية، إذاً كل تلك الأوراق المطلوبة وقفت عائقاً أمام الكثير من التجار في مناطق المخالفات والأحياء الشعبية في دمشق العاصمة، فما حال الأرياف؟! فكما تبين من خلال استطلاعنا ونقل معاناة الباعة أن دائرة الوهم تسيطر على العقول ما جعلتهم يقفون مكتوفي الأيدي.
تجّار.. على باب الله
« لم أتعمد أن أكون تاجراً، كل ما في الأمر بحثت عن حصى تسند الجرّة التي باتت عبئاً ثقيلاً على كاهلي وأنا أب لخمسة أطفال، لذا أسست تحت درج منزلي محلاً صغيراً أبيع فيه العلكة والبسكويت وعبوات مياه وتعبئة رصيد للجوالات لا أكثر ولا أقل، فلماذا اليوم أحتاج إلى سجل تجاري؟ فمربحي من المحل يعدّ على الأصابع فلماذا ستقاسمني وزارة التجارة الداخلية هذا المربح وأنا على باب الله..
على شرفة لا تتسع إلا للقليل وضع أبو بهاء بسطة خضار وفواكه من جبل الشيخ والبلدات المجاورة وعلى هذا الأساس استطاع أن يكوّن قوة شرائية تقصده لشراء الخل ودبس العنب والتين المجفف وغيرها من تلك المواد، ولكنه اليوم بات في مشكلة أنه مستأجر لهذا الذي لا يعد محلاً أصولاً ولا يحمل لافتة تجارية حتى..
البطاقة الذكيّة هي الخسارة التي خطرت على بال أم سالم في حال حصولها هي وزوجها المقعد على سجل تجاري في محل صغير قبالة منزلهم، فالخبز وجرّة الغاز والوقود والمواد التموينية كلها أساسيات لا تريد فقدانها، وإن مصطلح «تاجرة» كبير عليها كما قالت لا تستطيع تقبّله فالمحل يؤمن قوت يومها لا أكثر.
يقول الحرفي أبو رامي كان السجل التجاري سابقاً بمثابة vip في المجتمع أما اليوم سيضطر الكثير من المحال إلى الإغلاق إما بسبب التكاليف أو بسبب الضرائب التي وسبق وأنها قد كانت سبباً في تضرر الكثير من المهن وانتقال أصحابها مع معاملها إلى بلدان أخرى، ومن بقي منا وغير مسجل في الجمعية الحرفية يبحث عن محال غير مكسية لوضع بضاعتهم وممارسة أعمالهم المهنية، فهل يلزمنا سجل تجاري؟
سيبقى مدعوماً
عضو مجلس محافظة ريف دمشق الإعلامي وديع شمّاس بين أن القانون رقم 8 هو بمثابة حماية للتاجر والمواطن ومن شأنه مراقبة التكاليف الضريبية ومنع التلاعب في الأسعار والتخلص من الفواتير الوهمية، وهو ما ينظم السوق التجاري ومراقبة حركته والقانون نافذ رغم المهلة المفتوحة لتنفيذه حتى يستكمل التجار أوراقهم المطلوبة، وأوضح شمّاس أن السجل التجاري سيمنح للمهن الفكرية والمحامين وكل من يقدم خدمة للمواطنين، بذلك يحفظ القانون حقّ المواطن والتاجر في آن، وعن إلغاء البطاقة الذكيّة أكد شمّاس أنها لن تلغى للفئة التجارية الرابعة وسيبقى مدعوماً من الدولة.
أوهام افتراضية
أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها عبد الرزاق حبزة أكد أن الشائعات التي تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي عن المبالغ المالية الطائلة التي سيدفعها المسجلين على السجل التجاري غير صحيحة، واعتبر حبزة أن السجل التجاري هو عين الرقابة على السوق التجاري، وعندما تغيب الرقابة والمحاسبة لا نستطيع أن نحاكم المخالفين من التجار، وختم بالقول نحن الآن في عملية تنظيمية خلاقة تضبط السوق التجاري وهي لمصلحة التاجر رغم كل معاناته في جمع الأوراق المطلوبة.
وعن الأوراق والقيود المالية التي لاقى التجّار صعوبة في جمعها بين مدير مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك زين صافي أنه على التاجر أن يستجمع الأوراق المطلوبة من ملكية وترخيص إداري وقيود مالية وغيرها، أما عن المبالغ المالية لتلك الأوراق أوضح أنها 15 ألف ليرة لأمانة السجل التجاري، 22 ألف ليرة لنشر السجل في الجريدة الرسمية، 50 ألف ليرة للتاجر الذي يحصل على السجل لأول مرة تذهب إلى غرفة التجارة، 35 ألف ليرة للتاجر الذي سيجدد سجله، وعن تخوف التجار من الضرائب بيّن صافي أنه من الممكن أن تفرض وزارة المالية الضرائب على التجار سواء بوجود سجل تجاري أو بعدمه لأن كل محل تجاري عليه تكاليف مالية.