«رهاب ورم التضخم» .. نحن أول وآخر الضحايا..مؤسسات مالية ومصرفية عملاقة حمت نفسها بحسابات «القطع الأجنبي»
مرشد ملوك:
تملك العديد من المؤسسات المالية المصرفية العامة والخاصة في سورية ما يسمى مركز «القطع البنيوي» وهو حساب بالقطع الأجنبي يحوي سلة من العملات العالمية لزوم تمويل عمليات التجارة الخارجية والاستيراد ولزوم ضرورة التعامل مع مؤسسات اقتصادية دولية لقاء خدمات مثل إعادة التأمين وغير ذلك ولزوم قصص تحتاجها هذه المؤسسات.
ممنوع
مقابل ذلك نجد بأن التعامل بالقطع الأجنبي في المصارف العامة مسموح للمصرف التجاري السوري فقط، والسماح محدود ونسبي بالنسبة للمصرف العقاري، وهذا غير متاح بالنسبة لمصارف الصناعي والزراعي والتوفير والتسليف الشعبي وفق منظومة العمل المصرفي العام التي لم تصل محاولاتها بالدخول إلى الشمولية المصرفية إلى حدود التعامل بالقطع الأجنبي.
مسموح
دعونا نوسع الحديث سوية .. ونقول بأن هناك طيفاً واسعاً من القطاع الخاص الصناعي والتجاري يحتاج إلى القطع الأجنبي بدورة إنتاجه وأعماله اليومية في التعامل مع التجارة الخارجية وفق الصيغ القانونية المتاحة في ذلك.
وفي المقام الثالث فنحن الأفراد العاديين أمثالي وأمثالكم والذين يقومون بأعمال داخلية صرفة، بالتأكيد ليس لدينا أي حاجة في أعمالنا وحياتنا اليومية إلى القطع الأجنبي .. بل يمتد ذلك إلى حاجات السفر والعلاج وغيرها من الحاجات غير المباشرة.
ورم التضخم
الحديث اليوم بأن مركز «القطع البنيوي» الموجود في المؤسسات المالية والمصرفية الكبيرة السابقة حماها إلى حدود معينة من «ورم التضخم» الذي أصاب المنطقة والعالم، مقابل خسارة المؤسسات وحتى الأفراد في سورية لهذه الميزة الاقتصادية الهامة جداً.
(بدنا) مركز قطع
ما رأيكم بمركز قطع بنيوي لكل فرد منا .. نعم حساب مصرفي بالقطع الأجنبي لمن يرغب في المصارف العامة والخاصة وخاصة المصارف الخاصة وله الحرية بأن يستخدمه للادخار أو حتى للمصروف اليومي أو تمويل عملياته الشخصية وفي القصة التي يريد .. ومن خلال المؤسسات المصرفية النظامية وفق منطق السوق.
خطة سحب
لنفرض بأن أحداً ما يرغب ببيع بيت أو أرض أو سيارة أو أي شيء يملكه، ويرغب أن يودع ثمنه بالقطع الأجنبي في أحد المصارف السورية، وفق خطة سحب مصروف شهرية بين البنك والزبون، حماية لنفسه، وتلقائياً وعفوياً يعزز ذلك ملاءة الاقتصاد الوطني و يحميه من ورم التضخم الذي يجتاح العالم .. ألم يقولوا بأن خزينة الدولة هي جيوب رعاياها.
فزعة القطع
لنكن منطقيين ومنصفين .. في أول الحرب دخل الصالح بالطالح، فتمت عمليات إدارة مخزون سورية من القطع الأجنبي، «بفزعة القطع» ومن غير المفيد العودة اليوم لذلك إلا من قبيل العبر.
حقيقة فعل «ورم التضخم» في الاقتصادات المحلية والإقليمية والعالمية فعله المباشر، ولنعترف بأن لا أحد سواء في المؤسسات أوالأشخاص يمكنه الاستغناء عن التعامل بالقطع، وهل يستطيع أحد أن ينعزل عن العالم ولحاجات شتى.
شعرة التفريق
لكن المشكلة الكبيرة في «شعرة التفريق» بين صاحب الحاجة الحقيقية للقطع الأجنبي – حتى للمصروف اليومي – والمضارب والذي يتلاعب بالعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، لكن فكرة السماح لمن يرغب بفتح حساب بالقطع وتحريكه في الوقت الذي يشاء بالاتفاق المبرمج مع البنك يوسع دائرة الفرجار أكثر وأكثر، ومن غير المنطقي أن يكون الأفراد في واد والمؤسسات المصرفية السورية في واد آخر في هذا المجال.
سمعة الناس
في المجتمع هناك ناس لها سمعتها ومكانتها الاجتماعية واسمها التجاري والصناعي، وهذا من الثروات التي تتفاخر بها هذه الفئات، وهي تحتاج إلى التعامل بكل أنواع العملات لغايات شخصية وغيرها كما تحدثنا، وهؤلاء ليسوا مضاربين ولن يكونوا يوماً ما. فهل لدينا مصلحة اقتصادية بإخراج الناس من منظومتها المصرفية بهذه الطريقة.
الثقة تعود
حان الوقت لأن نفكر بطريقة مختلفة .. وعودة الثقة يمكن استعادتها بفعل مباشر بين المصرف والزبون، لأن الثقة الكبيرة بالدولة ووجودها هي الحامل الأكبر في هذا المجال ومجالات أخرى.
كفانا العمل والقناعة الاقتصادية المستمرة بسياسات تشبه النعام التي تعتقد بأنها عندما تدفن رأسها بالرمال ولاترى أحداً.. فإن لا أحد يراها.