حلب تغلق صناديق الاقتراع وتبدأ فرز الأصوات

الثورة – جهاد اصطيف:

في صباح اليوم، فتحت مدينة حلب صفحة جديدة في تاريخها الحديث، فمع إشراقة شمس هذا اليوم، كانت مراكز الاقتراع في مختلف أرجاء المحافظة تفتح أبوابها معلنة انطلاق أول عملية انتخابية تشهدها سوريا بعد التحرير، في مشهد أعاد إلى الأذهان صورة المدينة التي طالما كانت قلب الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد.

الانتخابات التي جرت اليوم لا تعد مجرد استحقاق دستوري لتشكيل مجلس الشعب، بل تمثل، بحسب مراقبين، بداية مرحلة سياسية جديدة تقوم على الإرادة الشعبية والمشاركة المدنية، بعد سنوات من الحرب والانقسام والتحديات.

عملية منظمة

مع دقات الساعة التاسعة صباحاً، بدأت عملية الاقتراع في المراكز المنتشرة ضمن الدوائر الثمانية التابعة لمحافظة حلب: جبل سمعان، إعزاز، الباب، السفيرة، دير حافر، الأتارب، جرابلس، عفرين ومنبج.

تدفقت جموع الهيئات الناخبة من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية إلى مراكز الاقتراع، حاملة أوراق التسجيل الانتخابي، وسط تنظيم واضح من قبل لجان الانتخابات المحلية.، فيما أغلق آخر صندوق انتخابي بحلب- مدرج النصر- عند الساعة الثالثة عصراً.

وقد أُعلن أن عدد المرشحين في محافظة حلب بلغ 463 مرشحاً يتنافسون على 32 مقعداً من أصل 210 مقاعد على مستوى الجمهورية، ما يجعل من حلب المحافظة الأكبر تمثيلاً في المجلس المقبل.

وأكدت اللجنة العليا أن عملية الفرز بدأت فور إغلاق الصناديق، بحضور ممثلين عن وسائل الإعلام والمراقبين المستقلين والمرشحين أنفسهم، على أن تعلن النتائج النهائية في مؤتمر صحفي خلال الأيام المقبلة.

تكتلات توافقية وانسحابات واعية

وكانت الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية في حلب قد شهدت انسحابات فردية لعدد من المرشحين لمصلحة آخرين ضمن ما وصفه المراقبون بـ”الاصطفافات الوطنية التوافقية”، في خطوة تظهر نضجاً سياسياً ورغبة حقيقية في تعزيز العمل الجماعي بدل التنافس الفردي.

ويرى محللون أن هذه الظاهرة الجديدة تمثل مؤشراً على تحول المشهد السياسي من منطق الصراع إلى منطق الشراكة، خصوصاً في محافظة بحجم حلب التي كانت دائماً مرآة للحراك الوطني.

متابعة ميدانية

زار محافظ حلب المهندس عزام الغريب مركز الاقتراع في مدرج النصر بجامعة حلب، يرافقه نائبه فواز هلال ومدير الشؤون السياسية إبراهيم إبراهيم.

وخلال الجولة، أكد المحافظ على أهمية تيسير عملية الاقتراع وضمان شفافيتها، مشدداً على أن هذه الانتخابات تمثل تجربة تأسيسية لبناء مؤسسات الدولة الجديدة على قاعدة المشاركة الشعبية.

في شوارع المدينة، يمكن الشعور بنبض جديد يسري بين الناس، فبعد سنوات من الحرب والدمار، يأتي هذا اليوم ليعيد شيئاً من الإيمان بالمستقبل.

يقول عدد ممن التقتهم “الثورة”: إن هذه الانتخابات لا تشبه ما مضى، بل هي وجوه جديدة في المجلس، وتغيير حقيقي، معتبرين أن هذه الانتخابات بداية لاستعادة الدولة لمؤسساتها.

مؤشرات سياسية على التحول

تكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة كونها الأولى بعد سقوط النظام البائد، ما يجعلها اختبارا حقيقيا لقدرة السوريين على إدارة شؤونهم بأنفسهم.

ويرى المراقبون أن نجاح التجربة في حلب سيكون نقطة تحول على مستوى البلاد، خاصة أن المدينة عانت طويلاً من التدمير والتقسيم، وأصبحت رمزا لصمود السوريين وإرادتهم في الحياة.

يقول المحلل فادي حمود: إن ما يجري اليوم يشكل لحظة فاصلة في تاريخ سوريا الحديث، فالانتخابات الحالية هي بمثابة عملية استعادة الثقة بين الدولة والمجتمع.

ويرى أن التحدي الأكبر يكمن في ترجمة نتائج الانتخابات إلى أداء تشريعي فعال، يعكس احتياجات الناس في الخدمات والإعمار، ويعيد رسم العلاقة بين السلطات الثلاث على أسس ديمقراطية متوازنة.

من الرماد إلى الريادة

لم يكن من السهل على حلب أن تصل إلى هذه اللحظة، فبعد سنوات من الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، عادت المدينة لتنهض من تحت الركام بخطوات ثابتة، فمشاهد الإعمار توازي اليوم مشاهد الاقتراع، وفيما تعمل الورش على ترميم الأبنية، يعمل المواطنون على إحياء الحياة السياسية بمشاركتهم في الانتخابات.

في ساحة سعد الله الجابري، تجمع العشرات بعد خروجهم من التصويت، وتبادلوا الحديث حول المرشحين المفضلين، أحدهم قال مبتسماً: اليوم ليس فقط تصويتاً، إنه احتفال بالعودة إلى الحياة.

سياق وطني شامل

من الواضح أن ما جرى في حلب لا ينفصل عن المسار الوطني العام الذي تعيشه سوريا اليوم بعد التحرير، فهذه الانتخابات تأتي في إطار خطة شاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية، وتفعيل الحياة السياسية على أساس التعددية والتمثيل الشعبي.

ويتوقع أن تشكل نتائجها خارطة طريق لمجالس المحافظات التي ستنتخب لاحقاً، وصولاً إلى استحقاقات دستورية جديدة في السنوات المقبلة.

ويؤكد مراقبون: إن انتهاء العملية الانتخابية في أجواء هادئة ومنظمة، أرسل رسالة قوية إلى الداخل والخارج أن السوريين قادرون على إدارة شؤونهم من دون وصاية، وأنهم تجاوزوا مرحلة الفوضى نحو مرحلة الدولة الراسخة.

سوريا الجديدة بدأت

في نهاية الاستحقاق الانتخابي الأول بعد التحرير، يمكن القول: إن سوريا عامة، وحلب على وجه الخصوص نجحت في اجتياز امتحان الثقة، فقد أظهرت المدينة إرادة جماعية لإعادة بناء مؤسساتها على أسس من المشاركة والمسؤولية، ورسخت لدى المواطنين الإحساس أن أصواتهم ليست مجرد أرقام في صندوق، بل لبنات في جدار الوطن الآتي.

وربما لن تحل كل أزمات سوريا بين ليلة وضحاها، لكن ما حدث اليوم على مستوى سوريا هو بداية الطريق، فمن هذه الصناديق الصغيرة التي احتضنت أوراقاً كتبت عليها أسماء المرشحين، خرجت سوريا جديدة تتلمس طريقها نحو المستقبل، متكئة على إرادة شعب، قرر أن يختار لا أن يُختار له.

آخر الأخبار
تجربة نموذجية تعبر عن اتجاه سوريا الجديدة ترامب ينشر خريطة الانسحاب داخل غزة.. وتحضيرات لمؤتمر القاهرة صناديق الاقتراع تغلق.. والأنظار تتجه إلى أداء المجلس القادم حلب تغلق صناديق الاقتراع وتبدأ فرز الأصوات ورشات عمل عاجلة في حلب لتحديد مشكلات القطاعات الصناعية  الانتخابات لمجلس الشعب.. بداية لعهد تشاركي يعيد الثقة للمواطن  الشرع: الانتخابات محطة مهمة وبناء سوريا مسؤولية جماعية سوريا تنتخب.. مشهد جديد وتفاؤل مبشر السومة خارج قائمة المنتخب لمباراتي  تصفيات كأس آسيا  الشرع: البلاد طوت صفحة الحرب وتستعد لمرحلة تشريعية جديدة أعضاء لجان انتخابية بحلب: مستقبل أفضل للبلاد  أهم الاستحقاقات.. مجلس الشعب المكان الأمثل للحوار الوطني أسماء الفائزين في انتخابات مجلس الشعب بدرعا  أعضاء لجان انتخابية بحلب: مستقبل أفضل للبلاد برلمان جديد يولد من صناديق اقتراع السوريين المطر على الأبواب.. الإسفلت يصل إلى المركز أولاً والضواحي تنتظر تقنيات التعليم وضروراتها في العملية التعليمية طريق دمشق - السويداء يشهد تحسناً ملحوظاً بحركة المسافرين ديمقراطية تتجسد على أرض الواقع..دمشق تنتخب بروح جديدة هل هذه نهاية الحرب في غزة؟