الثورة – وعد ديب:
مع تصاعد التحديات الاقتصادية التي تواجه السوريين، يزداد التركيز على الدور المنتظر من مجلس الشعب في المرحلة المقبلة، ولاسيما في الجانب الاقتصادي الذي أصبح هاجساً يومياً للمواطن.
ففي ظل الارتفاع المتواصل للأسعار وتراجع القدرة الشرائية وتقلص فرص العمل، تبرز الحاجة إلى مقاربة تشريعية واقعية تواكب هموم الشارع، وتسهم في بناء ثقة اقتصادية جديدة.

قلب الاهتمام
الخبير الاقتصادي الدكتور يحيى السيد عمر، وفي تصريح لـ”الثورة”، يؤكد أن مجلس الشعب اليوم أمام مسؤولية استثنائية تتجاوز دوره التقليدي، ليصبح أكثر ارتباطاً بحياة الناس الاقتصادية، مشدداً على أن دعم الاقتصاد المحلي يجب أن يكون أولوية مطلقة في عمل المجلس خلال المرحلة المقبلة.
ويرى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل العمود الفقري للاقتصاد السوري، إذ تؤمّن أكثر من 80 بالمئة من فرص العمل، وبالتالي فإن تحفيزها هو الخطوة الأولى نحو تخفيف الفجوة المعيشية وتحسين الدخل.
كما يشير إلى أهمية التركيز على القطاعات الإنتاجية، خصوصاً الزراعة والصناعات الغذائية التحويلية، لما لها من دور مباشر في تقليص الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الأمن الغذائي، الذي أصبح يشكل تحدياً استراتيجياً في ظل الأزمات المتلاحقة.
تشريعات واقعية
ويشدد الدكتور السيد عمر، على أن التشريعات الاقتصادية لا يجب أن تُصاغ من خلف المكاتب، بل من الواقع المعاش، عبر تلمّس احتياجات المواطنين الفعلية.
ويرى أن المجلس مطالب بإعادة النظر في أدواته التشريعية لتكون أكثر مرونة وقدرة على الاستجابة للمتغيرات الاقتصادية السريعة، مؤكداً أن بناء الثقة مع المواطن يبدأ من قوانين تُحاكي الواقع ولا تبقى حبراً على ورق.
ويرى السيد عمر أن الفساد المؤسسي يُعد من أكبر العوائق أمام أي إصلاح اقتصادي حقيقي، لأنه يفرغ السياسات من مضمونها ويضعف أثرها على الأرض، مؤكداً أن الشفافية والمساءلة ليستا مجرد شعارات، بل شرط ضروري لأي نهوض اقتصادي، داعياً مجلس الشعب إلى تفعيل دوره الرقابي بقوة، خصوصاً فيما يتعلق بضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وضبط أداء المؤسسات الخدمية والمالية.
حماية الفئات الهشة
وينوه الباحث السيد عمر، بأن برامج الحماية الاجتماعية يجب ألا تبقى ضمن إطار ردود الفعل أو المبادرات المؤقتة، بل يجب أن تتحول إلى سياسات واضحة ومستقرة، تضمن للفئات الأكثر تضرراً مظلة أمان اقتصادي حقيقية، خاصة في ظل الارتفاع الكبير بمعدلات الفقر وتراجع القوة الشرائية لدى شريحة واسعة من المجتمع.
ويؤكد على أن أعضاء مجلس الشعب مطالبون بأن يكونوا على تواصل مباشر مع المواطنين في مختلف المحافظات، والاستماع إلى احتياجاتهم، خصوصاً في المناطق التي عانت من التهميش، معتبراً، أن التشريع الحقيقي يبدأ من الشارع، وأن التمثيل الشعبي لا يكتمل دون هذا التواصل الفعلي والمستمر.
ويختم الباحث السيد عمر حديثه: إن المرحلة المقبلة تتطلب من مجلس الشعب أن يلعب دوراً محورياً في صياغة مستقبل اقتصادي متوازن، من خلال سن تشريعات قابلة للتطبيق، وتعزيز أدوات الرقابة والمساءلة، وإعلاء صوت المواطن في كل قرار اقتصادي، فالمواطن اليوم لا ينتظر الوعود، بل يحتاج إلى سياسات حقيقية تعيد التوازن إلى معيشته، وتفتح الطريق نحو تعافٍ اقتصادي واجتماعي بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.