حــــدود العلاقــــــات ..

الملحق الثقافي- حسين صقر:
حدود الأرض والأوطان والدول، و المنزل و العلاقات والعمل، والحب والكراهية والصداقة والأخوة، والتمادي والعطاء والتضحية والوقت، فلكل من هذه الكلمات حدود، ولمعانيها حدود ولسلوكها أيضاً..
فما دامت الحدود معروفة ومرسّمة وواضحة ومحددة، يعرف كل منّا ما له وما عليه، و حيّا الله امرء عرف حدّه فوقف عنده، والحدود بين الناس مقدسة، كالحدود مع الله.
وثمة حدود للعقل والنفس والكلمة والقلب والعاطفة وللجود و المنح وللشجاعة أيضاً، وحتى للخوف والقلق حدود، والضعف والقوة، وللبذخ والتقتير، وهناك حدود للتفكير، فوق ذلك يصبح غلو مبالغة ومغالاة وتطرف، ودون ذلك تقصير وبخل وشح وعزوف وإقصاء للذات وابتعاد بكل ما للكلمة من معنى، وحتى تأكيد على أن الفاعل شخص فقير بكل شيء، حيث الأخير ليس شرطاً أن يكون مادياً فقط.
فلو عرف الصديق حدود الصداقة، ورب العمل والعامل والابن والمرأة والرجل والجار والأخ… والقائمة تطول، لو عرف كل من هؤلاء حدوده لعرف كل شخص حقوقه وواجباته..
وفرد الحب والاحترام جناحيه محلّقاً في فضاء السعادة..
فالناس تختلف طباعهم وأخلاقهم ويتباين سلوكهم، ولا يمكن أن يكونوا نسخة واحدة في المذهب والدين والانتماء والتوجه والثقافة والمستوى المعيشي والمادي والاجتماعي والمعرفي.
ولهذا فالاعتدال ضروري وترسيم تلك الحدود ضروري لاستمرار العلاقات، وذلك عبر الاعتدال والتوازن والعقلانية، حيث البعض من الناس مغموساً بالأخطاء، وفي الضفة الأخرى البعض غارق في التدقيق على أدنى الأمور، ولهذا لا يمكن الحكم عليهم بدرجة متساوية، ولا من منظور واحد، وبالتالي فالتقييم لن يكون منصفاً.
إن التوازن والاعتدال هو طريق الحقيقة الموصل إلى التفاعل والتعايش المشترك بين الناس، وسبيل الحفاظ على المحبة والمودة بينهم، والاعتدال مفهوم ديني واجتماعي لا يستقيم الكون ولا تعتدل الحياة إلا بهما و لهذا نجحت الشعوب والأمم التي تعاملت وآمن لهما وارتقت، بعد أن جعلت للحدود قداسة ووازنت بالمفاهيم، حيث المبالغة مهلكة وما طغت على شيء إلا قطعته ودمرته وأفسدت الحرث والنسل وأبادت الحياة، بينما كانت تلك القداسة طريقاً نحو التطور والتجدد والوصول إلى الأهداف.
في المجتمع والأسرة والعمل، تمثل الحدود الفاصل الرئيسي لجغرافيا العلاقات وزمنها ومكانها وتفاصيلها، وإلا تحول المجتمع إلى غابة.
فالحياة أصبحت مركبّة ومعقدّة، وأكبر التحديات التي نواجهها وأثقلت كاهلنا، هي قدرتنا على عدم التمييز بين مفهوم المحبة و التسامح والغلو بها، وبالتالي فالحدود هي قدرتنا على وضع القواعد و القوانين في التربية والتنشئة الصحيحة.
إن وضع الحدود ضرورة نفسية و تربوية مهمة لنا كأشخاص، ولكن في ذات الوقت ينبغي ألا تتحول إلى قيود، بل يجب أن تكون تلك القواعد و الضوابط التي تُبنى عليها العلاقات وتجعل منا اناساً إيجابيين، ما يساعدنا على الانطلاق والنجاح وينمي جوانب الذكاء العاطفي والمعرفي و الاجتماعي، و يكشف المواهب والقدرات الابداعيّة، و يعمل على تطويره.

العدد 1129 – 24-1-2023

آخر الأخبار
صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة