القارىء حكماً

الملحق الثقافي- سهيلة علي إسماعيل:
يبدو من الصعب الإحاطة الكاملة والوافية بموضوع تداخل الأجناس الأدبية..لأنه موضوع أدبي خِلافي شائك ومهم في الوقت ذاته ولأنه قديم وليس حديثاً .. لقد تناول الكثير من النقاد والدارسين الغربيين هذا الموضوع واستفاضوا في شرحه وتعريفه، حتى أنه كان عنواناً للعديد من أطروحات نيل شهادة الدكتوراه لعدد غير قليل منهم .. بينما اكتفى النقاد العرب في بحث ودراسة جنسين أدبيين فقط للتمييز بينهما وهما الشعر والنثر.
وانقسم الباحثون في مجال التداخل بين الأجناس الأدبية إلى قسمين ؛ قسم يؤيد تداخلها، وعدم القدرة على الفصل بينها، باعتبارها إبداعاً متنوعاً ومتعدداً، ومتداخلاً، ويخضع للتطوير والتجديد عبر العصور كأي شيء آخر يدركه التجديد والتحديث، ويرى مؤيدو هذا الرأي أن ظواهر التداخل موجودة في نظرية أرسطو المعتمدة من قبل النقاد حتى الآن، فالأعمال الإبداعية والأدبية والفنية لا تتماشى مع القوالب الجاهزة المعدّة مسبقاً أو الجامدة، إنها تخضع للتناص الأجناسي .. وهناك الكثير من الأمثلة في التاريخ الأدبي كسيرة عنترة، وتغريبة بني هلال, والزير سالم، والظاهر بيبرس …إلخ.. فهي روايات تُحكى وتُمثل وقد تُغنى، كما يدعم هؤلاء آراءهم المؤيدة لموقفهم من تداخل الأجناس الأدبية بنجاح ما يسمى المسرح الغنائي، أو قصيدة النثر على أن التمييز بين نص أدبي بلون واحد كالشعر فقط، أو الرواية السردية والمسرح الغنائي يُعوَّل على القارئ الجيد، حتى أن رولان بارت اعتبر أن الأمر ينطوي على وجود عقد خفيّ بين المؤلف والقارئ في هذا المجال.
أما قسم المعارض لتداخل الأجناس الأدبية فيرى أن التطور المتسارع، ودخول الثورة الصناعية جميع مجالات الحياة وتأثيرها الكبير عليها فرض التخصص النوعي للنص الأدبي ؛ أي أن يكون النص بلون واحد، شعر صرف أو نثر، ومع ذلك لم يستطع مؤيدو هذا الرأي الاستمرار في تبنيه ودعمه بنظريات من واقع الإبداع الأدبي والفني، لأن الحدود الفاصلة بين النصوص الأدبية ضعيفة جداً .. لذلك ظهر في الساحة الأدبية البحث بين التقاطعات بين الأنواع المختلفة كما في التقاطعات الموجودة في التخصصات العلمية وارتباطها مع بعضها « فيزياء- كيمياء- هندسة « حتى أن البعض أدخل اللوحة الفنية التي يمكن أن تكون مثالاً عن التماهي بين الأنواع الأدبية، فاللوحة تنشأ عن قصة، كما أن الرواية سارت وما زالت تسير بخطى وئيدة أحياناً ومتسارعة أحياناً لتطرق باب السينما والتلفزيون.
وذهب البعض إلى تصنيف التداخل إلى شكل مقصود يبرز حين يستعين كتاب الرواية بالمقامات وأدب الرحلات أو السير الشعبية، وآخر غير مقصود وإنما تفرضه طبيعة الكتابة الأدبية، والشكل الثالث يتضمن الانقلاب في النوع الأدبي الواحد، بحيث لا يكون التداخل بين نصين مختلفين بالنوع بل في بنية الجملة الشعرية ذاتها، وهنا يتم اللجوء إلى علم اللسانيات لمعرفة التداخل أو تصنيفه وشرحه.
واستعان بعض النقاد بتعريف الجرجاني للجنس الأدبي « الجنس اسم دال على كثرة مختلفين بالأنواع, كليّ كثيرين بالحقيقة « أي أن الجنس الأدبي يدل على الكثرة والشمولية واختلاف الأنواع .. ومن الطبيعي والحالة هذه أن تتداخل الأجناس الأدبية، وربما يساهم التداخل في إضفاء الجمال عليها، لجعلها تجذب قارئاً يريد إشباع ذائقته الأدبية الفنية وإغناء معرفته الثقافية.

العدد 1129 – 24-1-2023

آخر الأخبار
تعاون متجدد بين وزارة الطوارئ واليونيسف لتعزيز الاستجابة تبادل الخبرات والاستثمارات السياحية مع الإمارات اجتماعات وزارية مشتركة في الرياض.. فرص استثمارية واعدة وتعاون زراعي استكمال مشروع دار المحافظة بدرعا ينطلق من جديد حماة تستعد لانطلاق مهرجان ربيع النصر إدخال بطاطا وخضار مستوردة يلحق خسائر  بمزارعي درعا طرطوس تبحث رؤيتها الاستثمارية والتنموية أبناء عشائر السويداء يؤكدون حقهم في العودة لمنازلهم وأراضيهم منصة صحية ومركز تدريب سعودي- سوري مستشفى دمر التخصصي بالأمراض الجلدية يفتح أبوابه لخدمة المرضى الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي الليرة تتراجع والذهب يتقدم "تجارة حلب".. إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية مع وفد تركي "إدمان الموبايل".. خطر صامت يهدد أطفالنا د. هلا البقاعي: انعكاسات خطيرة على العقول السباق النووي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من دخول 25 قوة نووية جديدة ترامب: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.. و"حماس" مستعدة للتفاوض الحرب الروسية - الأوكرانية.. بين "التحييد الاستراتيجي" والتركيز على "العمليات الهجومية" أسماء أطفال غزة تتردد في شوارع مدريد العراق يعيد تأهيل طريق استراتيجي لتنشيط التجارة مع سوريا التحولات السياسية وانعكاسها على رغبة الشباب السوري المغترب بالعودة