آنا عزيز الخضر
درجة الخذﻻن هنا مقيتة، وهي كذلك ﻷن من يجلبها من كان مؤتمناً على توازن مأمول، فتكبر الخبية أكثر.. هذه المقولة ترجمتها بامتياز حالة المثقف المزيف، الذي يفتقد هدفه، وتتوه بوصلته، كي تدلل بشكل أو بآخر على بهتان نموذج يفترض به منارة، وها هو بزيفه يتوه عن رسالته، فهو عاجز عن تحقيق أدنى درجات التوازن، فيشكل صدمة غير متوقعة، وخصوصاً أنه النموذج الذي يراه المجتمع أمله..هذا ماحاول نقله فيلم (ضوضاء) تأليف وإخراج (رغد الباش) …إنتاج المؤسسة العامة للسينما،ففي دعوة واضحة إلى ضرورة التمسك بالسمات والسلوكيات، التي نجعل المثقف حقيقياً، تصاعدت مجريات الفيلم وأحداثه… حول الفيلم وفكرته وأسلوبه وحلوله الفنية تحدثت الفنانة(رغد الباش) قائلة:
أبدأ بالأسلوب وكيفية طرح الفكرة، فقد ابتعد الفيلم عن المباشرة، وحاول الخوض في معطيات خاصة، استطاعت الإضاءة بعمق على أبعاد الفكرة ودقتها.. فالفكرة تحمل بعض الغموض، وتم طرحها بطريقة بسيطة وسلسة، بعيدة عن التكلف والمبالغة، فقد دارت حول سجين مثقف، استخدم الأقلام والكتب، ليحصل على مفتاح السجن، طبعاً بطريقة مجازية، مستخدماً مفردات الثقافة وأدواتها،ولكن بعد معاناته وحصوله أخيراً على المفتاح، اكتفى بأن يستخدمه بالطرق على قضبان السجن، ليصدر ضجة عارمة في المكان بدلاً من أن يستخدمه، ليفتح الباب بشكل مباشر، ويحصل على حريته التي سعى إليها، وكأن الضوضاء هي الهدف، وليس الوصول إلى مايريد بالحصول على حريته، وقد تناول الفيلم آليات تسلط الضوء على المعنى الحقيقي للتحرر من القيود، وعن تلك الفجوة بين المثقف الحقيقي والمزيف وسلوكياته المتناقضة، التي تدفع بالمجتمع نحو الفوضى والضوضاء العارمة، التي تعني بحد ذاتها كل السلبيات، وهي مؤشر خطير،تدلل على نماذج تدعي الثقافة وهي على هذه الدرجة من الخزي، رغم أنها من المفترض بها صمام أمان للمجتمع.