الثورة أون لاين – هفاف ميهوب:
عندما سُئل “ندره اليازجي”.. المفكّر والباحث في تاريخ الحكمة الروحية والديانات والأخلاق والحضارات: “كيف تقرأ التوليفة الثقافية ـ الروحية ـ الأخلاقية، في ظلّ ما يعيشه العالم من فوضى وعنف وشرور، وما يتعرّض له الوطن من أحداث؟..
عندما سُئل هذا السؤال، كان جوابه:
“إن الحضارة الإنسانية تشبه نهر الإنسانية الذي تصبّ فيه الروافد التي تمثّل الحضارات، لذا كانت جميع الروافد الحضارية والثقافية والعلمية والمعرفية، هي “روح العالم” كما قال الفيلسوف الألماني “هيغل”.
أعتقد أن جميع الأنظمة الاجتماعية تعرّضت لهزّات أطاحت بواقع الخصائص الطبيعية بكاملها في الإنسان، وهذا يعني أن الإنسان وُجد وهو يعلم سرّ أو عظمة وجوده، لذا يذكّر العلماء أن الإنسان وُجد ذكيّاً منذ وجوده، وأن الجهل الذي يعوق تطوّره وتقدّمه، يتعلّق بعدم فهمه لهذا الوجود، مثلما عدم معرفته للغاية التي يجب أن يحقّقها، وهو يحيا على وجه الأرض.. هذا الجهل يجعل الشرّ ينبثق إلى الوجود، ودفاع الجاهل عن جهله، يستدعي العنف وانعدام المعرفة”..
كلماتٌ، لا بدّ لكلّ من يقرؤها بعين بصيرته، من أن يُدرك الأسباب، التي جعلت العالم يقع تحت تأثير شرورٍ، تفاقمت إلى أن جرّدت الإنسان من جدواه، فأفقدته وعيه ومعرفته وحكمته.. الشرور التي وجد “اليازجي” بأن أكثر ما يجسّدها، ويزيد من امتداداتها، الحروب التي وصفها:
“الحروب هي النهاية القصوى لغريزة الحقد، والأنانية، والاحتكار، والشرّ، والانحطاط الخُلقي، وانعدام الوعي”.
هكذا وجد “اليازجي” الحروب التي تتسبّب في دمار الروح والعقل والحياة والثقافة والإنسانية. الحروب التي هي التعبير الأقوى عن الشرور الناجمة عن الجهل واللاوعي وعدم المعرفة، والتي تشبه برأيه:
“الحروب أُشبه بإنسانٍ غاضب، ازداد غضبه إلى أن بلغ درجة اللارجوع، ولم يعد بإمكانه السيطرة على ذاته، فانفجر ودمَّر.. الحرب تمرّد على الحقيقة، وعلى الخير، وعلى المحبة، وعلى الإنسان، وعلى الوعي، وعلى كل جمال وحقّ.. إنها المأساة الأليمة، الشدّة المنفعلة التي تبديها المقاومة السالبة للمادة، والرغبة في بقائها غافلة وجاهلة، ومتمردة على الغاية العظمى التي من أجلها وُجِد الإنسان”..