دعوة لإحداث هيئة لإدارة الكوارث وعقد مؤتمر اقتصادي شامل كلية الاقتصاد تفتح حوار «التداعيات الاقتصادية والإنسانية للزلزال»
الثورة- ميساء العلي- بتول عبدو:
التداعيات الاقتصادية والإنسانية على سورية من جراء الزلزال عنوان الحوار الموسع الذي أقيم اليوم في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق والذي تناول عدة محاور بدأها الدكتور تيسير زاهر بالحديث عن إدارة الكوارث والأزمات، مشيراً إلى أن الأزمة هي نقطة تحول، أو موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع غير مستقرة، وتحدث نتائج غير مرغوب فيها في وقت قصير، ويستلزم اتخاذ قرار محدد للمواجهة وقد تكون فيه الأطراف المعنية غير مستعدة، أو غير قادرة على المواجهة.
إدارة أزمات
وفرق زاهر ما بين مفهومي الأزمة والكارثة موضحاً أن الأزمة أعم وأشمل من الكارثة، فكلمة الأزمة تعني الصغيرة منها والكبيرة، المحلية والخارجية، أما الكارثة فمدلولها ينحصر في الحوادث ذات الدمار الشامل والخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات.
كما أن للأزمات مؤيدين داخلياً وخارجياً، أما الكوارث وخاصة الطبيعية منها فغالباً لا يكون لها مؤيدون.
وأضاف أنه في الأزمات نحاول اتخاذ قرارات لحل تلك الأزمات، وربما ننجح وربما نخفق، أما في الكارثة فالجهد غالباً ما يكون بعد وقوع الكارثة وينحصر في التعامل معها.
وقال: إنه كلما كان متخذ القرار سريع التنبه في الإحاطة ببداية ظهور الأزمة، أو بتكوّن عواملها كان أقدر على علاجها والتعامل معها، وذلك للحد من آثارها وما ينتج عنها من انعكاسات سلبية.
سليمان: حجم الأضرار غير واضح
من جهته الدكتور عدنان سليمان قدم مقاربة أولية للتداعيات الاقتصادية للزلزال، معتبراً أنه تم استيعاب الصدمة الأولى من خلال الاستجابة الحكومية والمجتمعية للتعامل مع تداعيات الزلزال بشكل سريع تتناسب مع مفهوم الكارثة، لكنه رأى أن المرحلة الثانية بعد الصدمة تحتاج إلى التخطيط والاستجابة المتوسطة للإيواء وإيجاد بدائل سريعة لاستدامة كل المهجرين من بيوتهم وهي مرحلة تتراوح بين أشهر إلى سنتين.
وأضاف سليمان أنه لا يزال حجم الخسائر وحصر الأضرار وعدد المهجرين غير واضح رسمياً وبالتالي سيكون من الصعب الآن إعلان رسمي عن المرحلة الثالثة للتعامل مع الكارثة ولكنه لا يبرر التأخر في التخطيط والإعداد لها.
ورأى أن إدارة الكارثة تعاني من تعدد الجهات الحكومية بالإضافة إلى المنظمات والجمعيات والنقابات والأجهزة المحلية في المحافظات، الأمر الذي يولد حالة من غياب التنسيق وحصر مسؤولية القرار والافتقاد إلى مرجعية مؤسسية واحدة للإدارة الفعالة.
وذكر أنه رغم أن التقديرات الأولية ستكون أولية وغير نهائية، فإن عدد المهجرين من منازلهم يتراوح بين 400 إلى 500 ألف وبالتالي قد تكون الحاجة إلى مئة ألف منزل جديد يكلف بناؤه ما بين 500 إلى 700 مليون ليرة للمنزل بدون البنى التحتية والمرافق .
وبحسب سليمان فإن الخسائر الأولية غير النهائية عن الأبنية المتهدمة والمتضررة وتوقف العمل الصناعي والتجاري والممتلكات الخاصة والبنى التحتية وخسارة النمو الاقتصادي ما بين 10 إلى 15 مليار دولار (المحافظات الأربع)، إذ تقدر مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ما نسبته 35% لاسيما أن مدينة حلب تساهم لوحدها بأكثر من 15% من الناتج الإجمالي.
في حين تقدر خسائر النمو الاقتصادي والإجمالي وضياع التنمية المتراكمة من جراء الكارثة من سنتين إلى ثلاث سنوات وإذ تضاف إلى 20 سنة خسارة التنمية المتراكمة خلال اثنتي عشرة سنة من الحرب، الأمر الذي يرجح تعثر النمو الاقتصادي من نصف إلى ثلاثة أرباع النقطة ليتراوح النمو في العام 2023 عند 1 إلى 1,5% مع ما يترافق ذلك من إعادة توجيه الأنفاق العام وفقاً لتداعيات الزلزال، الأمر الذي سيزيد من عجز الموازنة العامة.
وأشار إلى أن التقديرات الأولية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في سورية على امتداد اثنتي عشرة سنة يتراوح بين 400 إلى 500 مليار دولار وفقاً لتقديرات المؤسسات المالية الدولية يضاف إليها تكلفة إعادة إعمار ما دمره الزلزال وسطياً بـ 20 مليار دولار.
وطالب سليمان بضرورة وجود هيئة وطنية لإدارة الكوارث تكون مستقلة لا تتبع لوزارة حكومية، يكون مجلس إدارتها نصفه حكومي ونصفه أهلي ويتبع لها إحداث الصندوق الوطني للبناء والتنمية الذي يمثل الجهة المالية الوحيدة لتلقي مخصصات الكوارث والطوارئ من مخصصات حكومية سنوية وتبرعات من أية جهة دولية أو عربية للتدخل الطارئ والمستدام وإعادة بناء وإصلاح ما تهدم بفعل الزلزال.
ورأى أن هناك فرصة تاريخية أمام الحكومة السورية والدولة السورية بعد الكارثة لأن تبني على موقف الدول العربية والدول الصديقة بكفاءة وعقلانية والاستفادة من البيئة الإيجابية على المستوى السياسي والإنساني في أن تساهم الدول الخليجية والصين وإيران بإعادة البناء والتنمية والاستثمارالكبير في البنى التحتية وإعادة إعمار المناطق المتضررة.
مقترحات
قدم الدكتور علي كنعان نائب عميد كلية الاقتصاد مجموعة من المقترحات التي تسرع من عملية تجاوز آثار الزلزال كإحداث هيئة عليا للإغاثة بإشراف رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء والمديرين العامين وعدد من الخبراء بهدف وضع خطوات للمعالجة مع إحداث فروع في المحافظات التي صنفت بأنها منكوبة بحيث تقوم هذه الفروع بإحصاء الأضرار المادية والاجتماعية والإعلان عنها بشكل شفاف لإعلام الدول التي ترغب بالمساعدة ،إضافة إلى زيادة الأجور لكي تصل إلى 60% من حجم الناتج المحلي الاجمالي تدريجياً لأن الأجور تعادل حالياً 3 تريليونات ليرة.
كما طالب بتحرير الاستثمار من كافة القيود الإدارية وتخفيض القيود الضريبية على المنشآت القائمة والمنشات الجديدة بحيث يساهم ذلك في تشجيع الاستثمار وإعادة النظر بالدعم الاجتماعي المقدم بالسلع الغذائية والمحروقات وتوزيعه نقداً وتشجيع إقامة شركات مساهمة عامة
وفي النقاشات من قبل الحضور طالبوا بإقامة مؤتمر اقتصادي سوري شامل ومتكامل تشارك فيه كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات والمجتمع الأهلي والقطاع الخاص تناقش خلاله كل فكرة تساهم في الخروج من الأزمة ويكون برئاسة الجامعة التي تمتلك العديد من الخبرات والكفاءات من كافة الاختصاصات .
ناصر آغا: مجمع تأمين ضد الكوارث
من جانبه عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عمار ناصر آغا تحدث عن أهمية إحداث مجمع للتأمين ضد الكوارث في سورية، التأمين يعتبر أحد أهم الوسائل لمواجهة الخطر الذي أصاب الانسان بصحته أو بأمواله لقاء قسط يدفعه هذا الشخص لشركة التأمين .
وأضاف أن التأمين على الزلزال والأخطار الطبيعية في سورية هو تأمين اختياري يأتي مع بوليصة التأمين على الحريق كهدية وبالتالي لا يشكل إلا جزءاً بسيطاً من متطلبات التأمين ويعتبر تأميناً ضعيفاً في سورية لذلك من الضروري التفكير حالياً بجدية بدخول شركات التأمين بمشاركة الحكومة السورية بتحمل بعض الخسائر.
على شركات التأمين السورية أن تقوم بهذا النوع من التأمين وعلى الحكومة السورية إصدار قانون بإلزامية التأمين على المساكن الجديدة أو حتى القديمة، وأن يصدر قانون آخر لإنشاء مجمع خاص بالتأمين على الزلزال ، لأنه لا تستطيع شركة واحدة تحمل هذا التأمين وبالتالي جميع شركات التأمين تساهم في بيع هذه البوليصة وتجمع هذه الأموال لهذا المجمع الذي سيكون قطاعاً مشتركاً وعاماً، تستثمر هذه الأموال على مدى سنوات وجزء من هذه الأموال يرسل إلى الخارج من أجل شركات إعادة التأمين الصديقة يجب تفعيل الاتفاقيات مع تلك الشركات.
ولفت ناصر آغا إلى وجود قرار رقم 49 صدر في عام 2009 عن رئيس مجلس الوزراء إلا أنه لم يفعل وقد جاء من ضمن مواده: تأمين خطر الزلازل من أخطار طبيعية وتأمين نتائج المسؤولية المدنية (مادية – جسدية) للقطاعات المحددة في المادة الأولى من هذا القرار.