الملحق الثقافي- خلود حكمت شحادة:
ذاكرة الموت والتهجير التي سببتها حرب على مدى سنوات لم تغب يوماً عن قلوبنا قبل عقولنا نحن السوريين عشناها بتفاصيل أشبه بالكابوس لليوم لم نستطع الاستيقاظ منه، نحن كشعب تحملنا وصبرنا وبدأنا حياتنا بأبسط الإمكانيات آملين بغد أفضل.
لم نكد نخرج من تلك السوداوية حتى جاء قضاء فجعنا بالكثير من إخوتنا، وغطت مشاهد الدمار مرة أخرى صفحات الإنترنت وشاشات التلفاز، وحياتنا بدت ضعيفة أمام كارثة الزلزال التي حلت في غفلة عيون كانت تحلم بيوم أفضل استيقظ أصحابها بحالة هلع ورعب ومحاولة للنجاة من موت محتم، نجا من نجا وأحس ببهجة النجاة ونور الحياة ليطفئ بعدها هذا الإحساس موت أب أو أم أو أطفال وحتى عائلات بكل أفرادها.
معظم من نجا من موت روح تفارق جسد مات حياً وقد فارقه من كان حياته ويحيا لأجله.
بيوت تهدمت وذهب معها تعب سنين ليجد أصحابها أنفسهم دون أي شيء حتى أبسط أشيائه.
هنا انطلق السوريون بكل فئاتهم ومختلف أعمارهم للمساعدة وتقديم الدعم لمن يحتاجه آملين بتخفيف بعض من أوجاع ناجين من موت.
كثيرة هي المبادرات الفردية والمجتمعية إضافة إلى المؤسسات الحكومية كل يعمل بكل طاقته ليقدم ويساعد أصحاب الحاجة والذين أصبح اسمهم ناجين حقهم علينا مساعدتهم والوقوف معهم.
العمل مستمر على أرض الواقع، ولكن السؤال رغم كل هذه المبادرات والحب الذي جمع قلوب السوريين ليقفوا مع بعضهم بعضاً هل سيستمر هذا الدعم والتعاطف بينما تستعيد المحافظات المنكوبة والأهالي الناجين بعضاً من حياتهم ومنازلهم وأشيائهم التي دفنتها الأنقاض؟.
ما العمر الزمني لهذه الحلول البديلة، وكيف سيتم التعامل مع أولئك الناجين؟! الأطفال الذين فقدوا أسرهم والعائلات التي فقدت مسكنها والأسر التي تخشى العودة إلى منازلها خوفاً من سقوطها..
ننتظر ونتطلع جميعنا إلى الاستمرارية في العمل وتقديم الدعم المادي والنفسي لكل من يحتاجه لنعود إلى حياتنا.
وفي مقابلات مع من يقدم الدعم والمساعدة ييادرك الكثير منهم بجملة (هذه قدرتنا) عبارة تحمل في حروفها المحبة والعطاء وهذا ما عرفناه من الشعب السوري على مدى سنين طويلة كان فيها السلم والحرب.. اليسر والعسر.. لم نكن يوماً إلا يداً واحدة الفرد فيها يعمل للكل، ويتضح هذا في النوائب لأنه في المصائب تُعرف الرجال، والسوريون لم يكونوا يوماً إلا إخوة ويداً واحدة على اختلاف طوائفهم وأعمارهم يعملون لتبقى سورية بعيونهم الأجمل والأقوى يقدمون لها ما يجعلها معزوزة بأبنائها فخورين كوننا سوريين.
العدد 1133 – 21-2-2023