الثورة – ترجمة محمود اللحام:
أمام ارتفاع الأصوات المطالبة برفع فعلي للعقوبات عن سورية، أصوات من فاعلين دوليين مثل روسيا والصين، ومن جمعيات إنسانية وكنسية وشعبية وإعلامية، أصوات رددت معاناة السوريين في العالمين العربي والغربي معاً لمعارضة العقوبات العالمية، تم الرفع الجزئي والمؤقت الذي أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية.
المفارقة أن الإجراءات القسرية، لا تشمل النفط السوري ومشتقاته المسروق من قبل الولايات المتحدة التي تسيطر مع حلفائها على 90٪ من آبار النفط السورية.
حيث يتم شحن الكثير من النفط السوري الخام المسروق إلى قواعدها في شمال العراق، حيث يباع بأسعار منخفضة تصل أحيانًا إلى 15 دولاراً للبرميل، ثم يتم تكريرها واستخدامها إما محلياً أو مزجها بالزيت المحلي ليتم شراؤها من قبل تركيا حيث يتم استهلاك بعضها، ويتم تصدير البعض الآخر إلى وجهات مختلفة بما في ذلك “إسرائيل”.
بعبارة أخرى، الولايات المتحدة الأمريكية هي مصدر النفط السوري المسروق، وليس المستورد لها، وتحاول الولايات المتحدة ببساطة الحفاظ على صورتها كمدافعة عن حقوق الإنسان وامتصاص الضغط الشعبي المتزايد من أجل رفع العقوبات، أو بشكل أدق، زيادة الحصار المفروض على سورية.
عندها حاول الغرب تولي ما يسمى بالمبادرة الإنسانية، إما على غرار وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك التي زعمت أنه لا يمكن تسليم جرافات الإغاثة للسوريين بحجة عدم فتح الحدود، في الوقت الذي تجاهلت فيه تداعيات العقوبات الأمريكية التي فرضتها بلادها، وإما باللجوء إلى القوة العسكرية من خلال التخطيط لمشروع قرار لمجلس الأمن يتم تبنيه بموجب الفصل السابع ويلزم الدولة السورية بفتح جميع المعابر الحدودية، وهذا استمرار للدعاية الغربية.
بشكل أوضح، فإن الغرض من هذه المناورة الأخيرة في مجلس الأمن هو ابتزاز آخر يستهدف السيادة السورية بذريعة إنسانية تتمثل في حماية السوريين في شمال غرب البلاد من غضب الطبيعة هذه المرة.
من هنا قرع طبول الإعلام والشبكات الاجتماعية ومن يسمون أنفسهم “بالثوار السوريين”، سواء في الغرب أو في عالم عربي معين، هو دعاية جائرة تقول إن الدولة السورية غير مؤهلة لمواجهة الكارثة، أحياناً بحجة قلة الإرادة، وأحياناً لقلة المهارات، وأخرى بغياب الشعور بالمسؤولية.
ما سبق، يساعد في فهم القرار الذي اتخذته الحكومة السورية بالاتفاق مع الأمم المتحدة والدوائر المعنية، من أجل فتح نقطتي عبور إضافيتين في باب السلام وباب الراعي لمدة ثلاثة أشهر.
ونتيجة لذلك، خرج المخططون الغربيون، الذين لم يتوقعوا مثل هذه الخطوة، بخيبة أمل من اجتماع مجلس الأمن المغلق في 13 شباط الجاري، وقد اعتمد الجانب الروسي على القرار السوري بأن يعلن، في جوهره بأنه لا حاجة لقرار دولي، إذ تكفي موافقة الحكومة السورية على فتح معبرين إضافيين، وهذه أرض سورية معترف بها من قبل جميع أعضاء مجلس الأمن، وهي أرض يحق للدولة السورية أن تمارس سيادتها عليها.
لذلك، من خلال اتفاق ثنائي بين الحكومة السورية والأمم المتحدة، أحبطت دمشق الفخ الذي نصبه أعداؤها ونجحت في تحقيق هدف مزدوج: أولاً، دعم المساعدات العاجلة لسكان شمال غرب سورية مع الحفاظ على سيادة البلاد من قرار ملزم وخطير للغاية بالنسبة للمستقبل، ثم من أجل توضيح أن الزلزال هو ظرف استثنائي لا يمكن أن يعاني من استمرار العقوبات الغربية أو استمرار إغلاق بعض المعابر الحدودية.
بعبارة أخرى: في ظروف استثنائية، إجراء استثنائي، ويبقى انتظار توابع معركة الزلزال لأنه الآن بعد أن خسر الغرب معركته السياسية، من المتوقع حدوث توترات إضافية، ولا يوجد حتى الآن أدنى أثر لجرافة ألمانية أتت لإنقاذ الضحايا السوريين من المأساة الرهيبة.
المصدر- موندياليزاسيون