الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
ليست المشكلة في استهداف ثقافتنا، بل في استسلامنا أحياناً لهذا الاستهداف، فقد نقاومه آنياً، وبشكل فردي، لكن في العمق، علينا اتخاذ مواقف جماعية، تفضي بنا إلى رؤية استراتيجية تجعلنا نتبنى خططاً ثقافية تترسخ في الوعي.
غالباً الإرادة موجودة، وكلّ المشتغلين في المجالات الثقافية يدركون أهمية أن نمتلك تعاطياً ثقافياً قادراً على جذب الناس، بحيث يصبحون جزءاً من العملية الثقافية لا يسايرونها ويحضرون الفعاليات والأنشطة مجاملة، بل يتفاعلون معها، ويتأثرون بأفكارها…!
صحيح أن القوى العدوانية التي نقارعها، تستهدفنا، ولكن سرعان ما ننهض، تصيبنا مرة، ولكننا ننهض آلاف المرات…
أما حين تنحسر الثقافة، ويغرب أفقها، حينها يكون استهدافاً مؤثراً، يضرب في الصميم…
لا شك أننا ونحن نرى كلّ هذا التسطيح والخواء، نعيش مع استهداف ممنهج يبعدنا عن حالة التعاطي العميقة، ويجعلنا نتجه نحو استساغة كلّ ما هو سطحي، والمخيف أنه ينتشر بين أيادينا بسهولة من خلال شاشاتنا التي نمسك بها بإصرار غريب.
هم في البعيد، يستهدفوننا ويمضون… ونزداد اصراراً، على مقارعتهم …
إلا أن المؤلم أن نستهدف نحن ثقافتنا، بتلك الحالة الرغوية، أن نعتصر الاماً ونحن نرى كلّ ما يحيط بنا، يصر على هشاشة لا سابق لها، الأخطر من استهدافنا الخفي والبعيد، ألا نتقن ما نفعله، ألا نقتنع أن للثقافة مكانتها، وأن على كلّ تلك الخطط التقليدية أن تعنى بثقافة مختلفة، قادرة حتى في أحلك الظروف على جذب بشر بقدر ما يبدون متعبين يمكن لفكرة، أولاعتناق فلسفة معينة أن يأخذهم نحو أفق لانهائية للنهوض..
العدد 1134 – 28-2-2023