بعض اللوحات الجدارية والأعمال التركيبية المعروضة حالياً في صالة المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق (وخاصة التي أنجزها التشكيلي خزيمة العايد) تعبر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عن جحيم الحروب، وحرائق المدن، وتداعيات الدمار الداخلي والخارجي، الذي نعيشه في المرحلة الراهنة.
وهذه الأعمال التي أراد من خلالها التعبير عن زلازل الحروب، يمكن أن تعبر أيضاً عن زلازل الطبيعة وفواجعها، لاسيما وأنه استخدم الأيادي، التي تبدو وكأنها خارجة من تحت الأنقاض وتستغيث، كما أن أحجار عمارات المدن المنهارة المعبرة عن دمار الحروب، يمكن ربطها أيضاً بالخراب، الذي خلفته زلازل الطبيعة.
وتظهر طريقة تعامله الرمزي مع دلالات اللون في اللوحة حتى درجات التناقض، فالدمج ما بين القتامة والوهج وما بين رموز الموت، ورموز الحياة والولادة الجديدة يعبر عن تداخل الأحاسيس والرغبات والهواجس الإنسانية العميقة وتداخل الأزمنة.
وهو يؤكد رغبته في أن يبوح بهواجسه، بعفوية وصدق وأمانة وبالمختصر المفيد، وهذا البحث التشكيلي والتقني يتلاءم مع الموضوع المرتبط بفجائعية المرحلة (مرحلة الحروب والكورونا والزلازل والأهوال). وتتحول مساحات اللوحات بقياساتها الجدارية، إلى ضربات ولمسات وحركات لونية كثيفة وعفوية، وتبرز كعناصر أساسية متداخلة ومتجاورة ومتلاحقة ومتتابعة في التكوين والتأليف معاً. ولهذا نراه يتعامل مع الخط واللمسة بحرية صادقة كمدخل للكشف عن عوالم الصياغة الفنية الحديثة، المشحونة بالأحاسيس والمشاعر والرؤى والتقنيات المعاصرة، لإبراز صيغ التحاور البصري والعمل على إيجاد العناصر الإيحائية المعبرة عن زلازل الحروب وزلازل الطبيعة.
والأشكال الواقعية كالأطراف والحجارة تأخد شكل الرولييف الجداري، وهو يمنحها حيوية وواقعية، ويجعل الحوار البصري يتنقل بين الواقعية والتجريد في اللوحة الواحدة، وبالتالي يعيد الاعتبار إلى الصياغة الواقعية ( واقعية الأيدي المجسدة كالنحت) ويساهم في تقريب مسافات العزلة الخانقة القائمة بين الفن التشكيلي والجمهور في المجتمع العربي، كونها بجانبها الواقعي واضحة ومفهومة من مختلف الشرائح والمستويات والأعمار.

السابق
التالي