الثورة- ترجمة ختام أحمد:
على الرغم من وجود أربعة حروب في أوكرانيا ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً إلا أنها في حالة ارتباك بسبب صراع كارثي واحد.
الأولى هي الحرب داخل أوكرانيا، والثانية هي الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والثالثة هي الحرب بالوكالة بين الناتو وروسيا، والرابعة هي الحرب المباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقد يكون من الضروري تحليل الحرب الموحدة الظاهرة إلى صراعاتها الأربعة الحقيقية لفهم القضايا التي يجب حلّها إذا كان من الممكن التوصل إلى تسوية تفاوضية.
الحرب داخل أوكرانيا: إن القضايا الداخلية الكامنة التي مزقت أوكرانيا وجعلتها أمة منقسمة، شمال غرب ووسط أوكرانيا، التي كانت ذات يوم جزءاً من الكومنولث البولندي الليتواني، ثم الإمبراطورية النمساوية المجرية، كانت دائماً تواجه الغرب، إلى أوروبا التي كانت تواجه الجنوب الشرقي، وهو جزء طويل من الإمبراطورية الروسية.
تاريخياً، صوت غرب أوكرانيا لمرشحين للرئاسة بسياسات ذات توجهات أوروبية، وصوت شرق أوكرانيا لرؤساء بسياسات ذات توجه روسي، إنها لعبة شد الحبل الوطنية التي جازفت منذ فترة طويلة بتمزيق البلاد إلى قسمين، وأصبحت لعبة شد الحبل مهددة خلال انتخابات عام 2004 بين يانوكوفيتش وقاعدته الشرقية ذات الميول الروسية ويوشينكو وقاعدته الغربية التي تميل إلى الولايات المتحدة وأوروبا.
عندما أجبر يوشينكو على تعيين يانوكوفيتش رئيساً للوزراء، كانت الأمة وحكومتها تنجرفان بشكل خطير في اتجاهين متعارضين.
أخرج الانقلاب الذي رعته الولايات المتحدة ودعمته في عام 2014 يانوكوفيتش، والذي كان مقبولاً من روسيا من السلطة واستبدلته برئيس مائل للغرب اختارته الولايات المتحدة.
ورأى المشاركون الغربيون والقوميون في الانقلاب أنه وسيلة لسحب أوكرانيا من روسيا وإعادتها إلى هويتها الأوكرانية الأوروبية.
يقتبس بيترو من إيغور جوزفا، الذي يقول إنه “لأول مرة في تاريخ أوكرانيا الحديث، حدث تغيير في النظام من خلال اعتداء جزء من البلاد على حقوق جزء آخر، فقد هُزمت المناطق العرقية الروسية وسيعانون في دونباس من هجمات على لغتهم وثقافتهم وحقوقهم وممتلكاتهم وحياتهم.
أول حكومة منتخبة بعد الانقلاب، أصبحت حكومة بيوتر بوروشنكو حكومة مكونة إلى حد كبير من المتشددين، إذ مثلت حكومته رؤية أحادية لدولة أوكرانيا تنكر البديل التعددي الذي يطالب به دونباس.
تمرد دونباس ضد حكومة الانقلاب، وبحلول أيار 2014، وافق على استفتاءات تعلن شكلاً من أشكال الحكم الذاتي، وهنا بدأت الحرب داخل أوكرانيا، وكان الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة هو الذي استغل تمزق نسيج دولة أوكرانيا، وكان هذا هو العامل المحفز للحرب الأولى.
في 7 شباط الفائت في صحيفة نيويورك تايمز، تساءل (كريستوفر كالدويل) حول من بدأ الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومن الذي بدأ الحرب بين روسيا والولايات المتحدة؟.
تزود الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو أوكرانيا بالمال والأسلحة والتدريب والاستخبارات والاستهداف لمحاربة روسيا لأنهم يقدمون الخطط الحربية، ويقدمون قائمة متزايدة باستمرار من الأسلحة المتقدمة التي تتجاوز الخطوط الحمراء التي فرضوها ذاتياً في السابق.
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إن الناتو، في جوهره، منخرط في حرب مع روسيا من خلال وكيل وهو يسلح ذلك الوكيل فالحرب تعني الحرب.
توصل رئيس مجلس الدوما الروسي إلى نتيجة مماثلة: الولايات المتحدة تشارك في العمليات العسكرية في أوكرانيا، واليوم تقوم واشنطن بشكل أساس بتنسيق وهندسة العمليات العسكرية، وبالتالي تشارك بشكل مباشر في الأعمال العسكرية ضد بلدنا.
في مقالته في التايمز، يشير كالدويل إلى أنه في عصر الأجهزة الذكية والروبوتات والتحكم عن بعد، كان تورط الولايات المتحدة في الحرب دائماً أكبر مما يبدو، ويوضح أن معظم القوة التدميرية للأسلحة الجديدة تأتي من ارتباطها بشبكة معلومات أمريكية، لذا فإن الولايات المتحدة تشارك في هذه العمليات العسكرية من لحظة حدوثها، فهي بالفعل شريك ومشتركة في الحرب.
لذلك تتحمل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي نصيبهما من المسؤولية عن الحرب بالوكالة ضد روسيا عسكرياً، لكنهم أيضاً يتحملون المسؤولية دبلوماسياً، حيث كانت أوكرانيا وروسيا على استعداد مرتين، في آذار ونيسان 2022، للتفاوض على إنهاء الحرب التي ترضي مصالحهما، لكن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تدخلتا مرتين، ووضعتا نهاية للمفاوضات التي كان من الممكن أن تنهي الحرب.
حتى تلك اللحظة، كانت الحرب بين روسيا وأوكرانيا مسؤولية روسيا، ومنذ تلك اللحظة، تشاركت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة المسؤولية، حيث يتم الآن خوض الحرب، ليس للدفاع عن مصالح أوكرانيا، ولكن لتعزيز مصالح الولايات المتحدة وحلف الناتو، وتتحمل الولايات المتحدة الجزء الأكبر من المسؤولية عن الحرب بالوكالة ضد روسيا.
فالحرب المباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، كانت وكالة المخابرات المركزية تتحدث عن هجوم 26 أيلول 2022 على خط أنابيب نورد ستريم الروسي الذي نفذته الولايات المتحدة، وفقًا لتقرير سيمور هيرش، فإن الولايات المتحدة مسؤولة عن الحرب المباشرة.
ويشير هيرش إلى أن الجدول الزمني يكشف أن الرئيس بايدن بدأ التخطيط لعمل حرب ضد روسيا قبل شهرين من دخول الدبابات الروسية الأولى إلى أوكرانيا.
هناك أربع حروب يتم خوضها دفعة واحدة في الحرب في أوكرانيا، والولايات المتحدة تتحمل مسؤولية كبيرة عن تلك الحروب التي لا تحظى بالاهتمام الكافي.
وإذا كانت هناك فرصة للنجاح في تسوية شاملة ودائمة للحرب في أوكرانيا، فقد يكون من الضروري تحليل الحرب إلى صراعاتها الأربعة ذات الصلة والتوصل إلى فهم الأسباب والقضايا الكامنة وراء كل منها.
المصدر- تيد سنايدر