الثورة- حسين صقر:
ثمة علاقة مباشرة بين عملية القراءة والذاكرة، حيث القراءة تنشط الأخيرة، والذاكرة تختزن المعلومة المقروءة وتصنفها وتستعيدها عند اللزوم، وتالياً يكمل كل منهما ويساعد الآخر، ليكون الفرد فاعلاً ومؤثراً في المجتمع الذي يعيش فيه.
وفوائد القراءة لا تقتصر على كبار السن فقط، بل للصغار أيضاً، لكنها تشكل أكثر ضرورة للكبار، ولاسيما من لا يستطيعون الخروج من المنزل، لأسباب صحية أو غيرها، ولهذا من الواضح أن القراءة سواء للكتب أو للصحف والاطلاع على المواقع الإلكترونية لها تأثير إيجابي، وتحقق غاية الامتاع والترويح عن النفس ومعرفة الأخبار ومايجري في المحيط.
والكبار دائماً يروون تجاربهم في القراءة والاطلاع، فهنا طرفة وهناك موعظة وعبرة وهناك ملحمة بطولية وشعرية وأدبية، وعلى صفحات أخرى معادلة رياضية أو كيميائية، أو قانون في الفيزياء، ولهذا يتحفز كثير من الأشخاص للاطلاع والمتابعة، لتحفيز التفكير، وهو ما يجعلهم يفهمون العالم على حقيقته، كما يستطلعون أسرار الكون وعلومه وتطبيقاته.
كما يساعدهم ذلك على المشاركة المجتمعية بصورة إيجابية، بل وتمنحهم القراءة القدرة على حل المشكلات التي تواجههم واتخاذ كل الإجراءات المناسبة لمجابهة ما يمرون به من مشكلات اجتماعية وكوارث طبيعية أو من صنع البشر.
بناء المفاهيم
كما أن القراءة ولاسيما عند الكبار، تعينهم على إعادة بناء المفاهيم وفحصها ونقدها، ونقد المفاهيم الطارئة التي تقذف بها التحولات الكبرى السياسية والاقتصادية المعاصرة إلى ساحة الفكر السياسي الراهن، وتتناولها بالرصد والمتابعة والتحليل بغرض الكشف عن الدوافع السياسية والاقتصادية وراء مايحدث، بدل من أن يتحول الفرد إلى ذاكرة تخزين فقط.
فضلاً عن ذلك تحتل القراءة مرتبة عالية باستمرار في تصنيفات الهوايات الأكثر شيوعاً، وتتميز بأنه يمكن للمرء ممارستها بمفرده، وفي أي وقت أو مكان، ومن الممتع أيضاً القيام بها مع الأصدقاء، كما تحقق التواصل الاجتماعي نتيجة تبادل واستعارة الكتب الشيقة وهو مايساعد في الحفاظ على مهارات الذاكرة مع التقدم في العمر.
دراسات نفسية حديثة تؤكد أن إحدى القدرات العقلية التي تعززها القراءة، هي الذاكرة العرضية، أو ذاكرة الأحداث، والتي تسمح للشخص بتذكر ما حدث في الفصول السابقة من الكتاب المقروء، وفهم القصة المستمرة، وتشير إلى أن القدرة الأخرى هي الذاكرة العاملة والقدرة على الاحتفاظ بالأشياء في ذهن المرء عندما ينخرط في عمليات عقلية أخرى، كما أوضحت أن ذاكرة العمل تساعد على تتبع الأحداث في الفقرات الأخيرة وأثناء مواصلة القراءة، حيث الذاكرة العرضية والذاكرة العاملة تميلان للتدهور مع التقدم في العمر، لكن القراء العاديين يمارسون هذه المهارات بشكل روتيني في سياقات مختلفة، لكن هناك أدبيات قوية للغاية تُظهر أن هناك علاقة بين الذاكرة العاملة وفهم اللغة والذاكرة طويلة المدى، خاصة وأن ذاكرة العمل تتراجع مع تقدم العمر، ولكن هناك الكثير من الاختلافات، خاصة بين كبار السن.
وتضيف الدراسات أن اللغز المحيط بالعلاقة بين القراءة والذاكرة هو ما إذا كانت القراءة تساعد على تحسين الذاكرة، أو إذا كانت قدرات الذاكرة العاملة القوية تحسن مهارات فهم القراءة، لتخلص إلى نتيجة مفادها بأن معرفة اتجاه السببية سيكون له آثار مهمة على أنواع العلاجات التي يمكن أن تساعد في الحفاظ على الذاكرة طوال حياة الفرد.