عمار النعمة:
في كل مرة ندخل فيها المركز الوطني للفنون البصرية نتفاجأ بتجربة جديدة فيها من التميز مايجعلك تقف حائراً أمام جمال الفن والإبداع والألوان والتكنيك الذي ربما لم تعد تجده كثيراً في الكثير من المعارض.
هذه المرة كان المعرض للراحل مطيع علي الذي رحل عن دنيانا، ولكن أعماله أبت إلا أن تكون حاضرة وبقوة من خلال معرض احتضنه المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق فكانت اللوحات بمثابة أرض اجتمعت عليها أدوات إبداعية وظفها الراحل بحرفية عالية لتبدو لافتة للرائي بشكل كبير.
مطيع علي قاده شغفه التشكيلي إلى محترفات قسم الحفر في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق مرتين، أولها في منتصف السبعينيات والأخرى في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ليكون الأول على المقبولين في كلا المرتين، وأنهى رحلته الدراسية فيها قبل أن يتخرج منها لعدم تمكنه من النجاح بمقرر اللغة الفرنسية، وقد أثمرت تجربة التشكيلي علي بما يزيد على 380 عملاً فنياً تشكيلياً، ومجموعة كبيرة من الأعمال النحتية.
الثورة التقت د.غياث الأخرس رئيس مجلس الإدارة في المركز الوطني للفنون البصرية حيث أكد أن أعمال الراحل برغم مرور زمن طويل عليها إلا أنها لافتة بشكل كبير وغنية بالفن الراقي والجميل، فالراحل يملك طاقة إبداعية كبيرة وإمكانات فنية يمكن قراءتها واستكشافها من خلال اللوحات المعروضة.
وقال: مطيع علي شخصية فنية فريدة من نوعها جمعت في تكوينها مزيجاً مدهشاً من الإبداع والفن والمصداقية والبساطة والأشكالية، والدليل أنني عندما شاهدت أعماله سارعت على اختيار البعض منها أي المنسجمين مع بعضهم البعض وأقمنا المعرض على الفور.
وأضاف الأخرس: عندما تضع لوحتين للفنان مطيع ضمن برواز واحد لايمكن أن تشعر إلا أنها لوحة واحدة كدليل واضح على انتشار إبداعه في المساحة، فالراحل مدهش في تعابيره العميقه وحسه المرهف والقوة الواضحة والموجودة في أعماله.
بدوره الفنان محمود شاهين أحد معلمي الفنان مطيع قال: ماذا يعني أن نجد في اعمال الفنان مطيع علي قريته (القنجرة) بحضورها ونباتاتها وحيواناتها وينابيعها، مختلطة بأشواقه ولهفته المرتعشة للجسد الأنثوي العاري؟ ماذا يعني أن نجد كل هذا مختلطاً بالبدائيين؟ وهل رغبته الشديدة بالتعرف على فنهم هو الذي قاده إلى محترفات قسم الحفر في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، ومغادرتها مرتين (منتصف سبيعينات ومطالع ثمانينات القرن الماضي) لعدم تمكنه من النجاح بمقرر اللغة الأجنبية مع أنه كان الأول على المقبولين في المرتين.
الجميل والمدهش والفريد في تجربة هذا الفنان إنها برغم نزوعها الدائم للبحث والتجريب، لم تفقد فطريتها، وطرافتها وواقعيتها العجولة بالسوريالية، ولاتخلت عن موضوعاتها المترعة بخيال خصب، وحسية عالية، وقدرات توليفيه تشكيلية سليمة.
