يرافق الزلازل كثير من الآثار الكارثية، والتي قد تفوق أضرارها الزلازل نفسها مثل حدوث تسونامي وحرائق وأوبئة وأمراض، وهو ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية بعد زلزال سورية وتركيا معربة عن خشيتها من أزمة صحية كبرى قد تتجاوز أضرارها خسائر الزلزال بينما عبرت منظمات إنسانية أخرى عن تخوفها من انتشار وباء الكوليرا الذي ظهرت بعض حالاته في سورية قبل الأزمة.
الدولة كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى لحدوث الزلزال بفرقها الصحية والإغاثية لإعطاء اللقاحات، وتأمين مياه الشرب والطعام ومواد التعقيم، والإشراف الصحي على الحالات المرضية، وتفقد مراكز الإيواء وإقامة مراكز طبية فيها، وكل ما يلزم للعناية بالصحة، والأمر طبعاً لا يقتصر على المراكز الصحية، فرغم كل الظروف وكل العقوبات والحصار ومحدودية الموارد والدمار الذي لحق بالمشافي والمرافق الصحية لم تتوقف حملات التلقيح ضد كل الأوبئة والأمراض التي أضيف إليها جائحة كورونا.
كما في القطاع الصحي تحملت الدولة مسؤولياتها في التعامل مع الآثار الكارثية للزلزال منذ اللحظة الأولى، وبشكل مرحلي من رفع الأنقاض وإنقاذ العالقين وإيواء المتضررين وتقديم الدعم المادي والنفسي، وحالياً الانتقال إلى مرحلة البناء والتشييد التي أُعلنت عنها بالأمس مع صدور المرسوم التشريعي رقم 3 غير المسبوق بطيفه الواسع من الإعفاءات والشمولية رغم قلة الإيرادات وكثرة النفقات.
فالمرسوم أولاً جاء استكمالاً لخطوات سابقة كأحد السبل للتخفيف من آثار الزلزال، ولكنه غير مسبوق بالإعفاءات التي شملها وكذلك بالمدد الزمنية التي ترك أمر تمديدها متاحاً حسب الحاجة، وكذلك بسقوف القروض التي أتاح للمتضررين الحصول عليها.
لا يُمكن النظر إلى المرسوم بشكل منفصل عما سبقه وما سيتبعه من قرارات وربما مراسيم أخرى، ولا يُمكن تقدير أهمية المرسوم دون التفكير بحجم المبالغ التي ستتكبدها الخزينة العامة لتطبيقه عدا خسارتها للموارد التي كانت تجنيها من النشاط الاقتصادي والتجاري والزراعي والسياحي في المناطق المنكوبة، ولا يُمكن تقدير حجم الأعباء التي ستتكبدها الدولة لتطبيق المرسوم دون معرفة أن الدولة مستمرة في تقديم الدعم المادي والنفسي والسكن لأكثر من 500 ألف شخص متضرر من الزلزال في المحافظات المنكوبة.
إن كان يؤخذ على الحكومة خلال الفترة الماضية الكثير من الملاحظات والتقصير إلا أنه يُسحل لكل مؤسسات الدولة والمجتمع الأهلي تعاطياً مدروساً مع كارثة الزلزال ومنذ اللحظة الأولى باجتماع السيد الرئيس بشار الأسد بالفريق الحكومي وانطلاق العمل بشكل مرحلي كان آخره صدور المرسوم رقم 3 الذي سيؤسس لمرحلة لاحقة تعيد الحياة بنواحيها كافة.