العدوان الإسرائيلي على قطر، ليس حادثاً عابراً، بل محطة جديدة في مسلسل الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للعرب، والرد الحقيقي عليه في ظل تقاعس المجتمع الدولي، لا يكون بالشجب والإدانة والاستنكار، بل بتوحيد الصفوف، والتكاتف، لردع اعتداءات الاحتلال على سيادة الدول العربية وأمنها واستقرارها.
فالاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة، من قطاع غزة المحاصر إلى الضفة الغربية، وصولاً إلى بيروت ودمشق، وعواصم عربية أخرى، وإن اختلفت أساليبها بين دولة وأخرى، فهي تؤكد أن هذا الاحتلال لا يؤمن بالسلام ولا بالقوانين والشرائع الدولية، وهو يسعى لتحقيق سياسته العنصرية بالإرهاب والقتل والتدمير، دون غيرها، ولا يمكن أن تربطه تفاهمات أو اتفاقيات مع أي دولة كانت.
فجريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الفلسطينيين منذ نحو سنتين، والتي استخدم فيها الاحتلال كل صنوف الموت والدمار، وآخرها التجويع، في محاولة منه لتهجير أبناء غزة من أرضهم وأرض أجدادهم، تشهد على أن هذا العدو لا ينتمي إلى العصر، وأن نتنياهو يعيش بأوهامه التوراتية التي تدحضها حقائق التاريخ والجغرافيا.
وهذا الإمعان في العدوان والاستباحة لسيادة الدول العربية، ما كان ليتم، لو أن بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، قد تخلت عن فكرة أن “أمن إسرائيل” يبرر لقوات الاحتلال انتهاك سيادة أي دولة، كما حصل في قطر مؤخراً، وهذا بطبيعة الحال أمر خطير جداً وقد يقود المنطقة إلى نفق مظلم لا أحد يعرف كيف الخروج منه.
وعليه فإن المجتمع الدولي مدعو اليوم، مع بداية الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، لوضع حد لسياسات الغطرسة الإسرائيلية، والمضي قدماً في مؤتمر حل الدولتين الذي تقوده المملكة العربية السعودية وفرنسا، وتطبيق جميع القرارات الأممية ذات الصلة، والمرتبطة على كل الجبهات مع الاحتلال، بما فيها الجبهة السورية.