رنا بدري سلوم:
رسموا الأمل على الأوراق، حملوه في جعبتهم، إلى مراكز الإيواء والمدارس في الأماكن التي لفها وحش الدمار وظلام الفقد، ليلونوها الأطفال بأناملهم الخائفة، 25 مرشداً نفسياً واجتماعياً في كل فريق، يعيدون اللون لصورة الحياة، ويقدمون إرشاداتهم والرعاية النفسية لمعلمين وأولياء أمور في حلب.
أما في اللاذقية تواجدوا ككوادر تعليمية إرشادية ونفسية لتقديم المشورة والأنشطة التفاعلية التي عززت الاهتمام بالدراسة والعودة إلى التعلم.
رئيسة دائرة الإرشاد النفسي والاجتماعي في وزارة التربية الدكتورة سبيت سليمان كانت مع الفريق، احتضنت الأطفال، أفرحتهم فكانت المرشدة والمربية التي علمتهم من خلال الأنشطة التفاعلية تجاوز اضطراب ما بعد الصدمة، فكما بينت في تصريحها للثورة أن الشعور بالفزع والخوف لدى الأطفال عند التعرض للزلازل أمر طبيعي، وغالباً ما يقل هذا الشعور تدريجياً بمرور الوقت مع الإحساس بالأمان وإدراك النجاة من الكارثة، وتساهم بعض النصائح في مساعدته على التعامل مع الصدمة النفسية بعد الزلزال وتهدئته وتخفيف قلقه، وكذلك تجنب تبعات الصدمة النفسية واضطراب ما بعد الصدمة.
أما عن النصائح التي تساعد الناجين على تجاوز الألم والصدمة، تبين سليمان أنه لابد من احتواء الأطفال والتعامل مع خوفهم بعد التعرض لكارثة الزلزال، وتشير إلى كيفية التعامل مع الآثار النفسية للزلازل عند الكبار، وتجاوز الحزن وتقبل الواقع بعد فقدان الأحبة.
عن احتواء الأطفال بعد الزلزال تؤكد سليمان أن الأطفال أكثر تأثراً بالحوادث الصادمة لعدم قدرتهم على إدراك الأمور، فيسيطر عليهم الخوف والقلق، ويتملكهم الحزن، وربما يصابون بنوبات من التهيج والغضب، وكذلك عدم القدرة على النوم والأحلام المزعجة.
هنا يكمن دور الأهل أو مقدمي الرعاية الصحية والمتطوعين لرعاية الأطفال بعد الزلزال محاولة احتواء الطفل، والتهدئة من روعه، ومنحه شعوراً بالأمان قدر المستطاع، كما قد تفيد النصائح التي قدمتها سليمان أثناء الجلسات التفاعلية في التعامل مع الصدمة النفسية بعد الزلزال عند الأطفال، كإبقاء الطفل في مكان آمن وهادئ لتقليل إحساس الخوف والرعب الذي يسيطر عليه، وحجب الأخبار عن الطفل وإبعاده عن مشاهد عنيفة ومؤثرة، وإشغاله بنشاطات فنية ممتعة.
اليوم في عيد المعلم الذي يمر وعلى عاتق الكوادر التربوية والتعليمية الكثير من المهام الصعبة في إعادة هيكلة الجانب النفسي للناجين من الزلزال والمجتمع ككل كباراً وصغاراً، ولاسيما عودة الطمأنينة إلى نفوس الأطفال الذين هجروا من بيوتهم ولا يملكون إلا ملابسهم التي عليهم، فإن هدية كل معلم ومعلمة ومرشد نفسي وتربوي خالص الشكر والامتنان، ليس فقط لحرصهم على سلامة الأطفال النفسية والاجتماعية، بل لأنه أثبت بالفعل أن تواجد الكادر التربوي لا يقل أهمية عن تواجد الكادر الصحي في وقت الإسعافات والكوارث، وأن أدوات المعلم ليس سبورة وكتاب وفعل تلقين بل هو مبدأ ودفء واحتضان مهنته صقل الإنسان وصناعته بطريقة سوية يدرك فيها أن لا شيء يساوي قيمته، وأنه أغلى ما في الوجود، فكل عام وكل مربٍ شريف ومعلم فاضل بألف خير.
ولكل من علمتني وعلمني أن أنتزع الخوف.. فكل عام وأنتم الأمان.