د. مازن سليم خضور:
يا سائس الخيل قم للخيل واذبحها.. ما حاجة الخيل والفرسان قد ماتوا..!
يقال إن قائل هذا البيت كان فارسا عربيا وجد رجلاً تائهًا يعاني من العطش في الصحراء، فطلب الرجل من الفارس أن يسقيه الماء فاضطر الفارس أن ينزل عن جواده ليسقي الرجل ويساعده لكنه ركب خيل الفارس وهرب بها!
فصرخ الفارس وقال للسارق: رجاء لا تخبر أحداً بما فعلت
فقال له اللص: أتخاف على سمعتك وأنت تموت؟
فرد الفارس: لا، لكنني أخشىٰ أن ينقطع الخير والمعروف بين الناس..!
هذه القصة تتكرر في وقتنا الحالي بأشكال مختلفة ولعل أهمها ما نشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة لمنشورات مرفقة بصور ومقاطع فيديو تطالب بمساعدات مالية لحالات مرضية وإنسانية ليتضح فيما بعد أن قسماً لا يستهان بها هو غير دقيق وغير حقيقي عبر ما يسمى التسول الالكتروني الذي يعني عملية تسول مشابهة لعملية التسول المتعارف عليها أي التقليدية، ولكن ذات طابع الكتروني وخلف الشاشات، ويكون المتسول مجهولا وغير معروف، ولا يمكن معرفة أي تفاصيل عن حياته أو بياناته لتخفيه وراء اسم مستعار.
ظاهرة التسول الالكتروني لا تختلف عن التسول التقليدي فهي قائمة بالأساس على الخداع والتحايل للحصول على المال بطريقة غير قانونية، أشخاص ينشرون صوراً لإثبات حاجتهم للمساعدة يدّعون خلالها عدم قدرتهم على دفعها ويطلب ناشروها من المستخدمين مساعدتهم لتمكينهم من دفعها مستغلين المناسبات الدينية والاجتماعية باستخدام أساليب للتأثير على مشاعر المستخدمين وعواطفهم.
ويمكن أيضاً ممارسة التسول الالكتروني من خلال ابتزاز الآخرين بالتعليقات المسيئة والسلبية وفي بعض الحالات أيضا يكون التسول الالكتروني أكثر تخطيطا وتنظيما بحيث يقوم المتسول الالكتروني بإنشاء موقع ويب على الانترنت أو تخصيص رقم حساب بنكي أو رقم هاتف خاص مدعوما بحملة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات والأموال من المستخدمين بدافع إنساني تجاه مسألة شخصية وهذا ما ينتشر خلال فترات الأزمات والحروب والكوارث.
ويكون التسول عبر الأشخاص أو عبر الجمعيات لجلب أموال المتبرعين والتي بالتأكيد لن تذهب لأي شخص مسكين بل ستودع في حساباتهم.
وللحد من هذه الظاهرة لا بد من تشريعات وقوانين رادعه تراعي التطور التكنولوجي الحاصل من جهة ولا بد أيضاً من التوعية العامة بعمليات النصب التي تتم عبر الوسائل المتاحة من خلال نشر قصص الاحتيال والتجارب السيئة للأشخاص الذين وقعوا ضحية الاحتيال لهؤلاء النصابين هذا الجانب الوقائي، أما العلاجي فيكون من خلال الملاحقة القانونية بالإضافة إلى تتبع وملاحقة قسم الجرائم الالكترونية لمثل هذه الحوادث.
في النهاية لابد من العمل على معالجة هذه الظاهرة التي تستغل في معظم الأحيان الجانب الإنساني والطفولة وتستغل الظروف والاحتياجات لاسيما في ظل الظروف الراهنة وأن لا نصل إلى وقت.. ينقطع الخير والمعروف بين الناس بسبب انتشار مثل هذه الظواهر.

السابق