الثورة _ لجينة سلامة :
في إطار التعاون بين وزارة الداخلية ووزارة الثقافة ،ألقى المهندس الجيولوجي باسل الخطيب من المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية_فرع طرطوس محاضرة عن الزلازل الخميس الفائت في سجن طرطوس المركزي بإشراف مركز ثقافي السجن .
بدأ الخطيب المحاضرة بتعريف علم الجيولوجيا وهو علم دراسة الأرض وتاريخها و تركيبها و تضاريسها والعوامل الداخلية موضحا أنه علم احتمالي لايقوم على اليقين بمعنى أنه عندما نجيب على تساؤل ما يتعلق بظاهرة ما فنحن نعطي التفسير الأقرب إلى المنطق او إلى الحقيقة وليس بالضرورة كل المنطق او كل الحقيقة والكلام للمحاضرالذي استعرض لاحقا المصطلحات المتعلقة بهذه الظاهرة الطبيعية والتي شغلت بال معظم السوريين كما شغلتهم الشائعات والتي انتشرت كالنار في الهشيم على صفحات التواصل الاجتماعي لاختصاصيين في علم الجيولوجيا وغيرهم إلى جانب المنجمين على اختلاف ادعاءاتهم وغاياتهم غير العلمية وغير المنطقية .
ثم تطرق إلى حركة الصفائح التكتونية والفوالق والصدوع وآلية حدوث الزلازل ولاحقا الهزات الارتدادية والتي هي حالة حميدة تعمل على تفريغ لبقايا الضغط المحتبس أيا كان شدته في سبيل أن تعود الصفائح التكتوتية إلى الاستقرار وإعادة تجميع الطاقة ونوّه إلى أن الآثار التدميرية للزلزال تعود إلى شدته ومدته ونوع المنشأة التي تفتقد إلى الأساس المتين ونوعية وكمية المواد الموجودة وملاءمتها للمباني والمنشأت المختلفة خاصة وأننا في منطقة ذات نشاط زلزالي أزلي مبينا أن أغلب التجمعات البشرية في المدن المهمة تقع على جوانب الفوالق والصدوع .لأنها هي من صنعت بيئات ملائمة من حيث الناحية الجغرافية الطبيعية لقيام تجمعات بشرية لاحقا من حيث تأمين الظروف وتحديدا الماء والتربة والطقس المناسب لوجود تجمعات سكانية أنتجت فيما بعد حضارات.
واشار المحاضر إلى أن أغلب الحضارات قامت على الصدوع وهي أحيانا ماتدمرها. ثم استعرض الزلازل تاريخيا وأماكن حدوثها في المنطقة جازما في النهاية على انه لا يمكن لأحد توقع حدوث الزالزال ،فهوأمر علمي لا علاقة له بالتنجيم والتخمين .ولكي يكون أحدهم قادرا على توقع الزالزال عليه ان يؤكد على ثلاث نقاط أولها تحديد مكان حدوث الزلزال بدقة وثانيها وقت حدوثه في الساعة والدقيقة وثالثها شدّته بدقة أيضا.وبدلا من العمل والانشغال بتوقع حدوث الزلزال هنا أو هناك شدّد للعمل على التوقي منه عبر الالتزام بإجراءات السلامة الإنشائية والعمل بأمانة ومهنية للحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم .وهو الأمر الذي يتطلب تضافر جهات عدة معنية في هذاالخصوص .
على هامش المحاضرة
المهندس الخطيب خلال ساعة تقريبا استعرض تفاصيل علمية مهنية وتاريخية في إطار إجابته على تساؤلات و استفسار النزلاء .وكان قد ركز على الشائعات التي تفاعل معها أغلب المواطنين بسلبية واضحة وملموسة وأرهقتهم جميعهم على اختلاف مستوياتهم العلمية والعملية والاجتماعية وزادت من مخاوفهم وأقلقت مضاجعهم وحرمتهم النوم لفترة لم تكن قصيرة . وكل ذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعي التي اخترقت و تخترق حياتنا بشكل أو بآخر دون ان تكون لدينا المعرفة التي نتحصّن بها ضمن هذا الاستهداف المبرمج و المقصود عبر توقع حدوث الزلزال أو تسونامي هنا أو هناك في يوم كذا من الشهر الحالي او المقبل أو غيره.
للأسف لم يصغ المواطن إلى صفحات الاختصاصيين ولا
إلى المعنيين في علم الارض .بل كانوا فريسة للتخمينات المتعبة والفاشلة والمربكة والمحبطة. فريسة جهلهم وتجاهلهم لكل ماهو علمي وله علاقة مباشرة بالخالق وهو عنده العلم اليقين .فترة عصيبة مرّت على ااسوريين عاشوا فيها تداعيات الزلزال من أضرار جسدية ومادية إلى جانب الأزمة النفسية التي تعرّض لها أغلبنا بفعل الشائعات والأخبار المتداولة عن وقوع الزلزال في يوم محدد دون غيره .نتمنى ان لاتعود علينا هكذا تجربة ولا هكذا ظاهرة من بعد مشيئة الخالق الرحيم بعباده .وكما قال المحاضر الزلزال لايقتل وإنما الشائعة تقتل عندما نستهين بالعقل ونستمع إلى مدّعي العلم و متسلقي المعرفة.
لجينة سلامة