الثورة – حسين صقر:
عندما نتصفح مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، نرى أكثر ما نتصور من المواعظ والحكم والنصائح، من خلال المقالات والخواطر والقصائد، وعلى كثرة الكتاب والمشاركين يخيل لنا للحظة أن الكل مظلومون في هذا العالم، لنسأل بدورنا إذا كان الجميع من حولنا واعظين وحكماء ومظلومين، أين يعيش السيئون على وجه الكرة؟!
والسؤال الآخر الذي يتبادر إلى الأذهان، هل تحقق تلك المقالات والمنشورات والخواطر الفائدة؟! وهل يصل الكاتب إلى مبتغاه؟ ليكون الجواب بالنفي، لأن تلك المواضيع تتكرر دائماً، وعلى لسان الشخص ذاته حيناً، وعلى ألسنة الآخرين حيناً آخر.
فالكثيرون كتبوا عن المروءة وعن الشكر وعن الاعتراف بالجميل وعن المبادئ والقيم، والقلائل من يقيمون لذلك وزناً، أو يتعظون ويردون ذلك المعروف بمثله، بل ويعدون الكتابة والنصائح مجرد هراء، مبررين ذلك بأن البقاء للأقوى، وضعفاء القلوب ومرهفو المشاعر هم من يكتبون ويتوسلون معروف الآخرين عبر التعبير والتنفيس على الصفحات والكراريس.
أحياناً يصل الأمر لأن يكتب البعض، ويرسلون المادة للشخص المقصود، والغريب بالأمر أنه يتلقى وكأن الأمر لايعنيه، وكأنه شخص مثالي و لا يتعلق به الأمر من قريب أو بعيد، بل على العكس بمجرد القراءة يتحولون إلى واعظين وشارحين للمغزى والهدف.
أحد الأصدقاء أرسل لي منشوراً يقول فيه صاحبه” جرب أن تظل وحيداً فترة، ستجد أن البشر بلا أي فائدة حقيقية سوى إنهاكك في تفاهة سطحية لمشاكلهم النفسية طوال الوقت”
بالتأكيد قد يكون هناك مغالاة إلى حد كبير، لأن الإنسان لايستطيع العيش لوحده، حتى لو لاقى ظلماً، ولكن قد يكون في هذا الكلام بعض الصحة، خاصة وأن بعض الآخرين لا يتعظون، ولايكترثون لكل ما يقال من نصائح، وهم مستمرون بغيهم وغرورهم وضربهم عرض الحائط لتلك المبادئ والقيم.
عدم اعتراف الإنسان بخطئه والتعنت بالرأي أحد أهم الأسباب التي لا تجعله يظن بأن ما يتم توجيهه يعنيه أكثر مما ينبغي، ولو فعل كل منا وحاسب ذاته، لعرف أن أقل ما يعنيه على صفحات التواصل والمواقع الإلكترونية هو بعض الجوانب لأن الكمال لله وحده، ولكن إصراره على أنه يتصرف بشكل صحيح هو ما يؤدي به إلى تلك النتيجة، وبمجرد إبداء معارضتنا لما يقول نتحول بشكل مباشر إلى أعداء له.
ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار، فما يكتب يشبه النفخ في القرب المثقوبة، فهو كالهواء يدخل من فوهة ليخرج من الأخرى وكأن شيئاً لم يكن.
وكما يقال: تتخاطف العبر أمام ناظري الإنسان، ومن هذه العبر المرض والفقر والبلاء والعجز و الشيب والموت وزوال النعم، كل هذه عبر ولكن أين من يعتبر ؟! مازال الإنسان ماضياً في ظلمه وظلامه ولا يستشعر تلك العبر، ولو تذكرها فإن ذلك لوقت قصير.
السابق