الملحق الثقافي- خلود حكمت شحادة:
الفكر القومي وأهمية تجديده كان محور لقاءنا مع الباحث والأديب رياض طبرة
الذي بدأ حديثه بأن تجديد الفكر القومي هو المهمة الأنبل والأسمى في هذه المرحلة التي نمر بها ذلك وأن الفكر القومي تعرض ولا يزال يتعرض إلى محاولات تشويه وتجريح ونوع كبير من العزوف عن قراءته القراءة الصحيحة لذلك فإن هذه المهمة تستند نبالتها وعظمتها وضرورتها كحاجة من أن الفكر القومي بالأساس فكر توحيدي للمجتمع والدولة.
وأضاف طبرة: عندما طُرح الفكر القومي طُرحت معه أفكار كثيرة منها الفكرة الأممية والفكرة العالمية الدينية والأفكار الإقليمية الضيقة، بينما جاء الفكر القومي العربي ليسد فراغاً نفسياً واقتصادياً واجتماعياً في مجتمع كان قد خرج للتو من استعمارين الأول استمر أربعمئة عام وهو الاحتلال العثماني ثم الاستعمار الفرنسي والانكليزي الذي جثم ربع قرن على صدر الأمة العربية.
وعن ضرورة تجديد الفكر القومي قال: التجديد الآن ضرورة قصوى لأن هذا الفكر ما لم يجدد نفسه ويكتسب مشروعية جديدة في استمراريته سيترك فراغاً كبيراً في الساحة، والسؤال من سيكون البديل حينها؟ والجواب وبكل أسف يقول طبرة إن الفكر الديني هو الذي سيقوم هذا المقام، ونحن لسنا ضد هذا الفكر بحد ذاته إنما نحن كنخب نقف ضد التسييس لهذا الفكر وجهل هذا الفكر بالدين السامي والنبيل بطبيعته وتحويله إلى فكر فئوي طائفي مذهبي يحوم حول نفسه مما يختزل العالم كله بجماعة ضيقة محدودة، ومن هنا أقول إن الفكر القومي هو فكر علماني عصري متمدن بطبيعته ومفتوح على كل القوى السياسية أي أنه ليس في الفكر القومي العربي أي إقصاء لأي مجموعة كانت لا عرقياً ولادينياً ويقف من الأديان موقفاً متفهماً ومستوعباً وداعماً لاعتماد السياسة معياراً في تقويم كل ما حول هذا الفكر.
تجديد الفكر القومي
يتابع طبرة حديثه بأن تجديد الفكر القومي يقع على عاتق المفكرين القوميين الذين تصدوا أولاً لفهم الفكر ويمكن أن يتم التجديد عبر مقاربة ما بين هذا الفكر وما حوله من أفكار مثلاً من حيث المسألة الاقتصادية ارتبط الفكر القومي في مرحلة ما بالفكر الاشتراكي ثم شهدنا نوعاً من التباعد ما بين الفكرين نظراً لتفكك الاتحاد السوفييتي وفشل التجربة الاشتراكية إلى حد كبير وهناك توجه إلى الليبرالية الحديثة ونظام السوق الاجتماعي لذلك فالمقاربة ضرورية جداً ما بين الفكر القومي ونظام السوق الاجتماعي لأنه بدون حامل اقتصادي سيبقى الفكر القومي نوع من الهيام والطوباوية أما عندما يرتبط بنظام السوق الاجتماعي يعنى بالبنى التحتية لأي فكر وأقصد النظام الاقتصادي المعتمد في العالم لا بد منه نرى أن هذه المقاربة تؤدي إلى الكثير من تطوير وتجديد هذا الفكر، ومن جانب آخر النظرة السابقة والحالة العدائية التي كانت قائمة إلى حد كبير ما بين التيارين والفكرين الديني والقومي هذا اشتغل عليه كثيراً لإحداث شرخ كبير بين الفكرين الديني والقومي وفي الحقيقة نشأت الأحزاب الدينية لضرب الفكر القومي وتحديداً ضرب القومية كحل لتلاقي الناس واجتماعهم على نظام اقتصادي اجتماعي وسياسي واحد.
المطلوب من المفكر اختيار السبيل الأفضل لتلقيح الفكر وتمازجه وإجراء عملية مصالحة تاريخية تظهر بأن العرب في بداية الدعوات والرسالات السماوية لم ينظروا إلى العرق بعيداً عن الفكر الروحاني أي أنهم لم يفصلوا الروح عن الجسد بل كانت العروبة هي الجسد والإسلام هو الروح، لذلك علينا إعطاء هذه العبارة معناها الحقيقي ونحن في سورية أمة التسامح ونحن من علمنا العالم معنى التسامح وفكرنا بشكل طبيعي وسطي ومنطقي وكوننا وسط العالم وقلبه لا بد أن نكون وسطيين في فكرنا وأن نتجه الاتجاه الصحيح لترجمة هذه المقولة العروبة هي الجسد والإسلام هو الروح لأمة واحدة لها تاريخها وآلامها وآمالها ولها وجودها.
الليبرالية الحديثة
لا تعترف ولا تقر بحدود ولا بدول ولا بسيادات هي تريد العالم ساحة تنافس اقتصادي تزين هذا التنافس بالحريات الفردية وتشجيع المبادرة وشعارات أخرى وهذا يؤثر بشكل كبير على سجل الفكر وممارسته.
العدد 1140 – 11-4-2023