قراءة الكتب المطبوعة.. هل ودعها جيل الشباب؟

الثورة – زهور رمضان:

وقفتُ أمام أحد باعة الكتب القديمة في أحد شوارع دمشق وأنا أتنقل بين عناوينها وأقلب صفحاتها، بدأت تراودني ذكريات وتساؤلات وأنا ألمس تلك الكتب القديمة، إذ رجعت بذاكرتي إلى سنوات ماضية كنت فيها أسابق أترابي في عدد الكتب والروايات التي نقوم بمطالعتها أثناء أوقات فراغنا، والتي كنا نستعيرها عن طريق مكتبات المدارس، أو من خلال المراكز الثقافية، وأحياناً أخرى كنا نرغب في الاحتفاظ بها كمرجع ثقافي في المنزل.. فكنا نجمع النقود لمدة شهر من مصروفنا اليومي المحدود لنشتري به بعض القصص أو الكتب الثقافية، ناهيك عن عدد أبيات الشعر التي كنا نتبارى فيها على الملأ، أو ضمن العائلة الواحدة، وكان الفائز منا يحصل على مكافأة معنوية تجعله يشعر وكأنه ملك كل كنوز الأرض.

وما دفعني إلى كتابة هذا الموضوع هو الحيرة التي تنتابني عندما أشاهد أغلب شباب هذا الجيل لا يهتمون بالقراءة أو المعلومات المطبوعة التي يضطرون فيها للقراءة، طالما أن المعلومة تأتيهم جاهزة عن طريق الإنترنت، إذ لا تكاد أياديهم تقبل بترك جهاز الموبايل ولو لثانية واحدة، إنك تراهم دائماً وعيونهم وعقلهم وكل أحاسيسهم مشغولة بالانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، التي لاشك فيه أن المعلومات التي تتناقلها بعض الصفحات فيه قد تكون كاذبة وبعيدة عن الدقة والموضوعية.

العقل ينمو بالمطالعة

وأكدت السيدة صالح أنها لا تزال تواظب على قراءة الكتب المطبوعة لأنها تربت منذ صغرها على محبة الكتب واعتبارها مرشداً لها في التعلم وتسلية في الكبر ورفيق في العزلة، فوالدها علمها أن العقل لا ينمو إلا بالمطالعة والتفكير، مشيرة إلى أنها لم تعد تثق إلا بالكتاب، فهو الصديق الوحيد الذي لا ينافق، ولا يمل، ولا يعاتب إذا جفوته، ولا يفشي السر، مبينة أن العبرة ليست في كثرة القراءة بل في القراءة المجدية.

فيما كان حديث السيد محمد صارم أكثر متعة عن أيامه الجامعية، وكيف كان يمضي وقته في غرفته في المدينة الجامعية التي فضل فيها الكتاب على الأصدقاء لأنه كان يشعر بالمتعة والتسلية والفائدة في القراءة أكثر من الحديث غير المجدي عن بعضهم البعض من دون نفع أو قيمة.

أما اليوم وقد فتحت الشبكة العنكبوتية أمام الناس آفاقاً واسعة، وأتاحت لهم أدوات متعددة وسهلة كي يصلوا إلى المعلومات التي يريدونها بأسرع وقت وأقل جهد ممكن، هذا فضلاً أن مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة مكنت الفرد من تبادل المعلومات والرسائل التي تحوي العلوم والمعارف والأخبار المختلفة وهو جالس في مكانه من دون أن يبذل جهداً كبيراً في العمل.وما أثبت لنا هذه الفكرة حين التقينا بعض الأشخاص الذين تنوعت آراؤهم بين شخص وآخر، ولكنها صبت في نفس المصب، وهو أن الانترنت بات الوسيلة الأساسية لنقل المعلومات والثقافة بين الأفراد، إذ بين لنا علي عباس وهو طالب جامعي أنه منذ سنوات لم يمسك في يده كتاباً غير كتبه المطلوبة في المنهاج، معللاً ذلك أن الانترنت أصبح موجوداً في كل منزل تقريباً ما يمكنه من الوصول إلى أي معلومة يحتاجها للدراسة بدون عناء، ناهيك عن قدرة النت على ايصال المعلومة بوقت وجهد أقل، وأضاف: إن المنهاج المطلوب من الطالب يشكل عليه ضغطاً كبيراً يجعله غير قادر على الاهتمام بالثقافة العامة بمختلف أنواعها لذلك يكتفي بالبحث على النت عن المعلومات المطلوبة.

إيصال المعلومة بوقت أسرع

وقد اتفق رأي الطالب الجامعي أحمد حسن مع رأي صديقه في أهمية الانترنت، إذ أكد أنه اعتاد منذ نعومة أظفاره على مطالعة كتب ثقافية بعيدة عن منهاجه وذلك بفضل والده الذي علمه المطالعة وقراءة الشعر وحفظه، ولكن عندما كبر وجد أن الشبكة العنكبوتية باتت متوفرة للجميع بطريقة تجعلهم يستغنون بها عن قراءة الكتب، إذ بات يبحث عن أي معلومة بمجرد النقر عليها فتأتيه معلومات كاملة عن البحث المطلوب ما يوفر عليه عناء ساعات طويلة من القراءة وتدوين المعلومات.

زيارة معارض الكتب

أما الطالبة حلا حيدر فقد أعطت رأي مختلف عن غيرها إذ قالت: إن القراءة بالنسبة لها شيء روتيني، فقد اعتادت أن تقرأ بعض الصفحات من أي كتاب قبل الذهاب إلى الجامعة فهي مهتمة بالقراءة، لذلك تزور معارض الكتب التي تقام كل عام وتبحث عن الجديد من الكتب العربية والانكليزية، مشيرة إلى أنها تفضل الكتب العلمية على غيرها، كما أنها تحب قراءة الكتب المطبوعة على الإلكترونية.

تراجع نسبة القراءة المطبوعة

لقد تناولت دراسات عديدة أسباب العزوف عن القراءة سواء النفسية أو الاجتماعية وكلها أثبتت تراجع نسبة القراءة بالمقارنة مع استخدام الانترنت، وفي هذا المجال أكدت الباحثة الاجتماعية إلهام الطالبي أن هناك تأثيراً كبيراً لانتشار التقنيات الحديثة على القراءة، مبينة أن المؤشرات الحالية تؤكد أن هناك تراجعاً في معدلات القراءة، وثمة أدلة واضحة على ذلك مثل انخفاض مستوى مبيعات الكتب والروايات المطبوعة.

وأشارت إلى أن أكثر الشباب يقبلون على المواقع الالكترونية، فالكل يريد الحصول على المعلومة في وقت وجيز يجعل الشخص وخاصة الجيل الجديد ليس لديه رغبة في القراءة أو قضاء وقت طويل في الاطلاع على معلومات في الكتب أو المراجع الثقافية، فالشباب متأثر كثيراً بمواقع التواصل الاجتماعي وهو يعتقد أن القراءة غير مهمة علماً أنه انتشرت العديد من الأنشطة التي أبعدتهم أكثر عن حب الاطلاع والأنشطة الثقافية.

أرخص ثمناً

ومن هنا نجد أن البعض تستهويه قراءة الكتب وتقليب صفحاتها لأنهم يجدون المتعة في هذا الأمر، فيما تتجه أغلب الآراء إلى محبة الكتب الالكترونية لأنها أرخص ثمناً من المطبوعة، وأحياناً تكون مجانية ولا تحتاج إلى مكان للتخزين مما يرجح كفة الكتب الالكترونية عند الكثير من أبناء هذا الجيل.

آخر الأخبار
محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن