الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
عادت أدراجها فقد نسيت سماعات الأذن، صحيح أن طريق العودة مجرد مسافة قصيرة، لكنها انتبهت إلى أن الربيع على وشك التفجر، وكل نباتات الخبيزة ازداد اخضرار أوراقها أكثر من أي مرة نظرت إليها.
التقطت السماعات بسرعة، وبدأت بالجري، حاولت تهدئة ذاتها، فهي اليوم تخرج لتمشي لا لتتسابق مع أفكارها…
مقارنة بسيطة في ذهنها بين لهاثها وهي خارجة للتو من هزات لم تعد تعرف مدى واقعيتها، أو هي مجرد دوار كما يطلقون عليه، في الأيام الأولى لإحساسها، بدأت تكثر الشكوى، وتسأل كل جيرانها، لم تستفد أي شيء من استقصائها، ما إن تتمدد على الأريكة حتى تشعر أنها كلما تحركت تهتز يميناً وشمالاً.
اليوم للمرة الأولى شعرت بتلاشي كل شيء، لأنها رغم أنها تسير على هذه الأرض التي اعتادت السير عليها، منذ أكثر من اثني عشر عاماً، إلا أنها تسير بجسدها فقط، بكليتها أصبحت في مكان آخر، رغم عودتها حديثاً، إلا أنها بقيت هناك، حيث تركت كل شيء مرتباً في غرفتها الصغيرة.
واليوم تدرك كم أخطأت حين طرقت باب العودة وجلست طويلاً أمام عتبة المطار بين التردد ويقين العودة، وما إن عادت حتى سلمت فكرها لغياب طويل الأمد، كل ظلال الأمكنة الحائرة تباغتها وتغلق عليها المنافذ.
حتى سماعات الأذن تصدر ضجيجاً غريباً يختلف عن الموسيقا التي كانت تسمعها فيما مضى، ربما مضى أكثر من يومين لم تعد تشعر بأي اهتزاز، وعلى ما يبدو أن الأفكار لأني لطالما سيطرت عليها، تتقافز كشلال لا يهدأ.
اليوم حين أنهت جولتها الصباحية، تأكدت أنها الجولة الأخيرة لها هنا…!
العدد 1140 – 11-4-2023