الثورة – سيرين المصطفى:
بعد عودة آلاف العائلات السورية من بلاد المهجر إلى سوريا عقب سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، انطلقت مرحلة جديدة تحمل الآمال والتحديات، ومن الطبيعي أن يسعى الأبناء لاستئناف تعليمهم في مدارس البلاد، إلا أن العديد منهم، خاصة من تلقى تعليمه في مدارس أجنبية، واجه عقبة كبيرة تتمثل في ضعف إتقانهم للغة العربية وقواعدها.
هذا التحدي استلزم إيجاد حلول سريعة وفعّالة تتيح لهؤلاء الطلاب الاندماج بسلاسة في النظام التعليمي، ليتمكنوا من مواصلة دراستهم جنباً إلى جنب مع أقرانهم بثقة وكفاءة.
مما مهّد الطريق لانتشار الدروس الخصوصية والدورات التعليمية في إدلب وريفها، التي رأت فيها الأسر وسيلة جيدة لتمكين أبنائهم من تعلم اللغة العربية ومعالجة نقاط ضعفهم فيها.
اللغة العربية، بصفتها اللغة الأم وواجباً على الأبناء إتقانها، تُعدّ ركيزة أساسية في النظام التعليمي السوري، ما يجعل إجادتها ضرورة حتمية للطلاب لتحقيق النجاح في مسيرتهم الدراسية.
وتشمل جوانب حيوية مثل النحو، الإملاء، الخط، القواعد، القراءة، والكتابة، التي تتطلب متابعة دؤوبة وتركيزاً عالياً لإتقانها بفعالية.
تنوّعت الأساليب التي اعتمدها الأهالي لتعزيز إتقان أبنائهم للغة العربية، فبعضهم اختار الدروس الإلكترونية “أونلاين”، خاصة أولئك الذين ما زالوا في بلاد المهجر ويخططون للعودة إلى سوريا قريباً، بهدف معالجة هذا التحدي قبل عودتهم.
يتم التنسيق مع المعلمين لتقديم الدروس عبر منصات مثل “جوجل ميت” و”زوم” وغيرها، مما يتيح تعليماً مرناً وفعّالاً.
في المقابل، فضّل آخرون، خاصة المقيمين في سوريا، وتحديداً إدلب، تسجيل أبنائهم في دورات تعليمية أو معاهد خاصة لتقوية اللغة العربية، حيث يتم تحديد الأجر المالي بناءً على عدد الدروس اللازمة للطالب لتجاوز ضعفه وتحسين مستواه في المادة. بينما لجأت عائلات ميسورة الحال إلى الدروس الخصوصية لضمان نتائج أفضل، حيث يتركز اهتمام المعلم على الطالب بشكل فردي، ويكون الاهتمام محصوراً به.
أما بالنسبة لتحديد المستويات والدروس المطلوبة، فتقول المعلمة فاطمة: “في البداية، ألتقي بالطالب وأجري له تقييماً أولياً من خلال طرح مجموعة من الأسئلة لقياس مستواه.
بناءً على نقاط ضعفه، أحدد نوع الدروس التي سيتلقاها، وفي بعض الحالات، قد أضطر إلى البدء من المستوى الأساسي تماماً.
” في المقابل، حقق معلمو اللغة العربية والمتمكنون منها فوائد مادية ملموسة، حيث أصبحت هذه الدروس مصدر دخل مهماً لهم، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي واجهها المعلمون في إدلب خلال الحرب، والتي شملت: ضعف الرواتب التي لم تكفِ لتغطية الاحتياجات الأساسية، واضطر البعض منهم للعمل بشكل تطوعي، وعدم وجود رواتب صيفية للبعض.
فيما يخص أجور دروس التقوية، فإنها تختلف حسب عدد الجلسات المطلوبة ونوع الدرس، حيث تكون التكلفة أعلى على الطالب عندما يكون الدرس فردياً بناء على طلبه، بينما يفضل المعلمون الدروس الجماعية لأنها تحقق لهم عائداً مادياً أكبر.
يُعدُّ الضعف في مادة اللغة العربية أحد العقبات البارزة التي واجهها الطلاب بعد عودتهم من المهجر، خاصة من كانوا يدرسون في مدارس أجنبية، ليلجأ الأهالي إلى الدورات التعليمية والدروس الخصوصية، الأمر الذي عاد بالفائدة على بعض المعلمين في إدلب.