الثورة – ترجمة رشا غانم:
نُشر على كل من وسائل التواصل الاجتماعي كـ “تويتر وتيليغرام” عدد قليل من وثائق البنتاغون حول الصراع العسكري الروسي الأوكراني، بعضها سري للغاية، كما كشف الصحفيون والباحثون والمحققون على وسائل التواصل الاجتماعي عن وثائق سرية إضافية نُشرت في الأول من آذار الماضي على مواقع إضافية، لكن ليس التسريب هو الجانب الأكثر إثارة للدهشة بشأن الوثائق السرية، ولكن مدى عمق مشاركة الولايات المتحدة في الصراع ومقدار ما تفعله لمساعدة أوكرانيا، وعلى الرغم من إنكارها التورط المباشر، فإن الولايات المتحدة هي بالفعل مشارك فعلي في الصراع، بالنظر إلى كل من المساعدة العسكرية والاستخباراتية التي قدمتها لأوكرانيا.
هذا وتظهر الوثائق كيف أنّ الولايات المتحدة جزء من الأعمال العدائية، وما كانت تفعله يهدف إلى إشعال الصراع باستمرار، وما وراء خطاب “دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي” تفكير الولايات المتحدة الجيو- سياسي في تقسيم العالم إلى معسكرين كما فعلت خلال الحرب الباردة، فمع وجود معسكر آخر من المفترض أن يشكل تهديداً عسكرياً وأيديولوجياً للمعسكر الذي ترأسه الولايات المتحدة، يمكن لواشنطن الاستمرار في الإثبات لدول الاتحاد الأوروبي، بأنّه يجب عليها أن تتحد تحت راية منظمة حلف شمال الأطلسي للحصول على حماية الولايات المتحدة، فلن تتمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على هيمنتها – التي كادت أن تحطمها عولمة الاقتصاد العالمي والعالم المتعدد الأقطاب بشكل متزايد- إلا في ظل هذا الإطار العالمي المزدوج القطبي.
وإذا كان هناك أي شيء، فإن الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا قد وفر لواشنطن بصيص أمل في أنه قد يكون من الممكن جعل الصراع العسكري حرباً طويلة الأمد وبالتالي تقسيم العالم إلى معسكرين: المعسكر الذي يدعم أوكرانيا والآخر الذي يدعم روسيا، وهذا ما يفسر سبب عدم قيام واشنطن بأي جهود على الإطلاق للتوسط بين الطرفين واستبعاد أي إمكانية للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع.
وفي حال استمرت الحرب لسنوات قادمة واضطرت دول الاتحاد الأوروبي إلى مواصلة مساعداتها العسكرية لأوكرانيا، وانقسم العالم بشدة بسبب الصراع، فسوف تتعطل الصناعة العالمية وسلاسل التوريد وسيتأثر اقتصاد الاتحاد الأوروبي بشكل خطير، حيث أنّ الاقتصاد العالمي الذي عانى بالفعل بشكل كبير بسبب وباء كوفيد-19 والصراع الروسي الأوكراني لن يشهد أي أمل في الانتعاش، فمن الأنانية والقسوة أن تفعل واشنطن كل ما في وسعها لاستمرار الأعمال العدائية وإشعالها، وعدم بذل أي مجهود لتسوية سياسية، فهناك حاجة إلى جهود عالمية لجلب أوكرانيا وروسيا إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي في أقرب وقت ممكن، وهذا هو السبيل للحفاظ على السلام والتنمية العالميين.
المصدر – تشاينا ديلي