بداية لا بد من القول: إن المحاماة في تعريفها هي مهنة علمية فكرية وليست فقط لتأمين مصدر العيش والرزق كغيرها من المهن من حيث المبدأ، وإنما تقوم على البحث والدراسة لتطوير القوانين والأنظمة القانونية التي تنظم المعاملات والعلاقات الاجتماعية في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.. إلخ، والتي تسهم من حيث النتيجة في تطوير المجتمعات والارتقاء بها، ما يسهم في تطوير البلاد، وبناء الحضارة الإنسانية، ونستطيع القول: إن مهنة المحاماة هي رسالة إنسانية لنشر العدالة في المجتمعات في مختلف ميادين الحياة.
وفي هذا الإطار فهي تحتاج إلى من يؤمن بها ويعشقها كي يبدع في نشر هذه الرسالة وتحقيق أهدافها في الدفاع عن العدالة و تكريسها في المجتمعات، حيث يعتبر المحامي المؤمن بالمحاماة كرسالة خط الدفاع الأول في تحقيق العدالة.
و هنا لابد من التأكيد على دور المحامي في تثقيف نفسه في المجالات كافة، وأن يقطف من كل حديقة زهرة، وإن يعمل بشكل دؤوب على تطوير القوانين من خلال إعداد الدراسات والأبحاث القانونية والارتقاء بها بما ينسجم مع طبيعة تطور الحياة في مختلف المجالات والميادين والدفاع عن الحق لإحقاقه.
ما أشرنا إليه يدفعنا للحديث عن يوم المحامي السوري قائلين: إن فرسان هذه المهنة هم من يقومون في تحقيق العدالة وإحقاق الحق أولئك الذين يسهمون أخلاقياً وقانونياً كي يكون القضاء صمام أمان لكل صاحب حق يلجأ إليه.
لذلك اعتبر يوم أمس الثاني والعشرين من نيسان يوماً للمحامي وليس عيداً بمعنى أنه يجب فيه تسليط الضوء على مبادئ وآداب وأخلاقيات وتقاليد مهنة المحاماة والإضاءة على أعلامها الذين كانوا فرساناً حقيقيين وكان لهم الأثر الكبير في المحاماة والتشريع والقانون والمجتمع وتعلم الكثير منهم المعنى الحقيقي للمحامي والمحاماة، لكون المُحاماة فَنّاً قَبْلَ أَن تَكُون مِهْنَة، ولِيس المُحامُونَ مُحامِيْنَ كلهم بِالضَرورَطة، المُحاماة فَنّ الحُجَّة والجَدَل والبُرْهان وَالإِقْناع فقد كَان روّاد الفلسفة محامين بِما يُمَلّكُونَ مِن حُجَج وَلُغَة عالِيَة وَنَظْرَة ثاقبَة وهذا ما نأمله بأن يتحلى محامونا بتلك الصفات بعيدا عن كل ما يسيء لهذه المهنة.
التالي