للأشياء في علم الرياضيات والحساب ثمة معايير للمكاييل والأوزان، وتخضع للزيادة والنقصان والمضاعفة، وذلك من خلال العمليات الأربع المعروفة.
ذات الشيء في العلوم الإنسانية، ثمة حسابات لكنها مختلفة، عندما تخضع للقسمة والطرح، وكل شيء ينقص إذا طرحت منه، إلا السعادة كلما تقاسمتها مع الآخرين تزيد لديك، ولاسيما إذا كان مؤشر التضحية والإيثار إلى ارتفاع، هنا تتزايد السعادة طرداً كلما أعطيت، لأن تعب المنح يزول ببلوغ الهدف، بينما لذة الأنانية تدوم، وربما تتجدد في كل حين.
وأسباب السعادة تختلف من شخص لآخر، وحسب الطبيعة البشرية التي فُطر عليها، ففد تكون أحياناً كثيرة بقضاء حاجة لمستحق، وقد تكون طاعة لوالدين، وقد تتمثل بتأدية واجب في مناسبة فرح أو حزن أو زيارة مريض، وقد تكون ابتسامة أو كلمة طيبة أو جبر لخاطر مكسور، أو حتى دعم أو مساندة ورفع من معنويات محبط.
والسعداء لا يملكون كل شيء بل مقتنعين بكل شيء، ويعلمون أن من لم يصنع السعادة لنفسه لن يصنعها له الآخرون، ولهذا يفعلون كل الأشياء التي تجعلهم يحبون الحياة، وتجعل أيامهم تمضي بفرح، لأنهم قادرون على خلق السعادة من أبسط الأشياء، ليس لأنفسهم وحسب، بل لغيرهم أيضاً، لأن قيمة السعادة تنعكس على وجوههم وينتشر إشعاعها في المحيط الذين يكونون فيه.
ولنتذكر دائماً أن نصيب الإنسان من السعادة يتوقف غالباً على رغبته الصادقة في إسعاد الآخرين، لأن السعادة وردة تنبت داخل بيوتنا، وينتشر شذاها على كل مستهدف منها، لأن هؤلاء قد تسعدهم أشياء لا قيمة لها عند البعض، و أشياء صغيرة قادرة على أن تهزهم في العمق وتدخل البهجة إلى قلوبهم.
