الثورة – ناصر منذر:
الهدنة السادسة في السودان دخلت حيز التنفيذ منتصف الليلة الماضية، بعدما وافق طرفي النزاع على تمديدها 72 ساعة، ولكنها تعرضت للخرق كسابقاتها مجددا، وسط تبادل الاتهامات بانتهاكها، ما ينبئ بخطر توسيع دائرة المعارك، وسقوط المزيد من القتلى، ومخاوف كبيرة من أن يتحول الوضع إلى كارثة إنسانية.
اتفاقات الهدنة تساعد بحال الالتزام بها، إلى إعطاء مساحة أوسع للجهود الدبلوماسية لإقناع طرفي النزاع بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، وإيجاد حل توافقي ينهي القتال الدائر، و يلبي رغبات الشعب السوداني الذي يدفع فاتورة هذا القتال من أمنه واستقراره، ولكن الحاصل على الأرض أن ثمة أطراف خارجية ترى أنه من مصلحتها استمرار وتيرة القتال والعنف بما يخدم أجنداتها، وهنا يقع على عاتق الأطراف السودانية المتنازعة تحكيم لغة العقل والمنطق، واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات الداخلية، وهذا كفيل بتفويت الفرصة على المتربصين شرا بالسودان وشعبه.
وسائل إعلام ذكرت أن المواجهات بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع تجددت اليوم في محيط القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم، رغم إعلان تمديد الهدنة، مشيرة إلى أنه تم سماع دوي اشتباكات ومضادات للطائرات، أثناء تحليق طائرات حربية جنوب وشرق العاصمة السودانية الخرطوم.
وكان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد أعلنا في وقت سابق موافقتهما على هدنة جديدة للأغراض الإنسانية لمدة 72 ساعة إضافية، استجابة لنداءات دولية وإقليمية، على الرغم من استمرار تبادل اتهامات بعضهما البعض بخرق الهدن السابقة، فيما أعلنت سلطات الطيران المدني تمديد إغلاق المجال الجوي باستثناء طائرات الإجلاء والمساعدات.
ومنذ اندلاع المعارك في 15 نيسان المنصرم قتل ما لا يقل عن 528 شخصا وأصيب نحو 4599 آخرين وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.
كما تسبب القتال في نزوح جماعي للأجانب والموظفين الدوليين، مع قيام دول في جميع أنحاء العالم بعمليات إجلاء محمومة براً وبحراً وجواً.
ومنذ بدء المعارك، تحصن ملايين السودانيين حول العاصمة في منازلهم وسط تناقص الغذاء والماء والكهرباء إثر تجدد المعارك، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لتدق ناقوس الخطر من إمكانية تحول الوضع إلى مأساة إنسانية.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إن “الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين”، مبديا “قلقه الكبير”.
وأوضح دوجاريك أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرر أن يرسل “فورا إلى المنطقة” رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث “في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان”.
وأكد غريفيث أنه في طريقه إلى المنطقة “لدراسة كيفية تقديم مساعدة فورية”، معتبرا أن “الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة، وحذر في الوقت نفسه من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها “استنزف غالبية مخزوناتها”.
أما المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد أفادت في وقت سابق بأن حوالي 50 ألف شخص فروا من الصراع المحتدم، باحثين عن ملاذ في البلدان المجاورة، بما في ذلك تشاد ومصر وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وفي ظل الدعوات الدولية المتواصلة لإيقاف المعارك، دعا البرلمان العربي إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار حقنا لدماء السودانيين، ولعودة الأمن والاستقرار إلى البلد الذي يعاني فراغا سياسيا منذ سنوات.
جاء ذلك في بيان صدر اليوم، عن الجلسة العامة للبرلمان العربي بشأن مستجدات التطورات الخطيرة التي يشهدها السودان في الفترة الأخيرة.
وأكد البرلمان حرصه على دعم أمن واستقرار وسيادة السودان وسلامة أراضيه الذي يمثل جزءًا رئيسًا من الأمن القومي العربي.
ودعا المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى سرعة تقديم جميع المساعدات الطبية والاقتصادية الممكنة للسودان لمساعدته على الخروج من الوضع الصحي المأساوي الحالي.
