“لوموند ديبلوماتيك”: واشنطن قلقة من نهاية هيمنتها على العالم

الثورة – ترجمة محمود اللحام:
تزعم الولايات المتحدة والغرب أن حرب روسيا على أوكرانيا هي صدام بين الديمقراطية والاستبداد، لكن في أماكن أخرى، تؤدي التدخلات العسكرية الأمريكية السابقة، والفشل الذاتي في التصرف، إلى استنتاجات مختلفة.
هل الحرب في أوكرانيا معركة عالمية بين الديمقراطية والاستبداد، كما يسميها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهي وجهة نظر رددها جميع المعلقين والسياسيين الغربيين تقريباً؟.
لا ، كما يقول الصحفي الأمريكي روبرت كابلان، الذي يضيف: لكن يبدو أن هذا غير بديهي، رغم كل شيء، كانت أوكرانيا نفسها لسنوات عديدة حالة ضعيفة وفاسدة ومتخلفة مؤسسياً للديمقراطية.
وتابع كابلان أن “النضال هو من أجل شيء أوسع وأكثر جوهرية: حق الشعوب في جميع أنحاء العالم في تقرير مستقبلهم والتحرر من العدوان السافر” . وهو يوضح النقطة الواضحة بأن العديد من الديكتاتوريات هم حلفاء للولايات المتحدة.
مع ترسيخ المواقف في زمن الحرب، نادراً ما تُسمع الأصوات المعارضة في أوكرانيا في الشمال الأكثر ثراءً. لكن في الجنوب، ما يسمى بـ “بقية العالم” الذي تنتمي إليه غالبية البشرية، يرى الناس هذا الصراع بشكل مختلف تماماً.
فقد أعرب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن أسفه لأن العالم لا يعطي أهمية متساوية لحياة السود والبيض، أو لحياة اليمنيين والتغرايين مقارنة بالأوكرانيين: “البعض أكثر مساواة من الآخرين”.
هذا هو أحد أسباب امتناع العديد من البلدان، وخاصة في إفريقيا، عن قرارات الأمم المتحدة بشأن أوكرانيا، وليس فقط الديكتاتوريات ولكن أيضاً جنوب إفريقيا وأرمينيا والمكسيك والسنغال والبرازيل والهند، حيث تبنى عدد قليل من الدول غير الغربية عقوبات على روسيا. كما أشارت تريتا بارسي نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للفكر الحكومي المسؤول، ومقره واشنطن، في أواخر آذار بعد منتدى الدوحة (تجمع أكثر من 2000 سياسي وصحفي ومفكر دولي)، وهي دول يتعاطف الجنوب إلى حد كبير مع محنة الشعب الأوكراني وينظر إلى روسيا على أنها المعتدي. لكن المطالب الغربية بتقديم تضحيات مكلفة بقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا لدعم “نظام قائم على القواعد” قد ولدت رد فعل تحسسي. لم يكن هذا الأمر قائماً على القواعد؛ بدلاً من ذلك، سمحت للولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي مع الإفلات من العقاب.
إن المملكة العربية السعودية، لم تنضم إلى الحملة ضد روسيا ودعت بدلاً من ذلك إلى إجراء مفاوضات بين الطرفين.
لقد شجعت سلسلة من العوامل على حيادها، فقد أدى إنشاء أوبك + في عام 2020، الذي أدخل روسيا في مفاوضات بشأن حصص إنتاج النفط، إلى تعاون مثمر بين موسكو والمملكة، التي تعتبر العلاقة استراتيجية – بلا شك مفرطة في التفاؤل .
وأشار مراقبون إلى أنه في آب 2021، حضر نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان معرض موسكو للأسلحة ووقع اتفاقية تعاون عسكري تكمل تعاون بلاده الطويل الأمد مع روسيا في مجال التطوير النووي المدني.
على نطاق أوسع، أصبحت روسيا المحاور الرئيس في جميع الأزمات الإقليمية باعتبارها القوة الوحيدة التي لها علاقات مستمرة مع جميع المشاركين، بما في ذلك أولئك الذين هم على خلاف، أو حتى في حالة حرب، في الوقت نفسه، وصلت العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى طريق مسدود.
الرأي السائد في المملكة العربية السعودية هو أن الولايات المتحدة لم تعد حليفاً جديراً بالثقة، حتى عندما كان صديقهم دونالد ترامب لا يزال رئيساً. وزادت الأمور سوءاً منذ انتخاب جو بايدن، الذي هدد بمعاملة المملكة العربية السعودية على أنها منبوذة.
كما انتقدت الصحافة السعودية الولايات المتحدة، حيث قالت صحيفة الرياض اليومية السعودية ذات النفوذ: إن النظام العالمي القديم الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية كان ثنائي القطب، ثم أصبح أحادي القطب بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لكن نشهد اليوم بداية تحول نحو نظام متعدد الأقطاب، وأضافت بشكل واضح: إن موقف بعض الدول من هذه الحرب – في أوكرانيا – لا يهدف إلى الدفاع عن مبادئ الحرية والديمقراطية، ولكن مصلحتها في الحفاظ على النظام العالمي القائم .
بينما وصفت الأهرام، الصحيفة اليومية غير الرسمية للحكومة المصرية المواجهة بأنها بين الولايات المتحدة والدول الغربية من جهة ودول ترفض هيمنتها على العالم من جهة أخرى، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة ضبط النظام العالمي بعد أن أدركت أنها – في شكلها الحالي – لا تحقق مصالحها، بل يقوي الصين على حسابها. إن الولايات المتحدة مرعوبة من النهاية الوشيكة لهيمنتها على العالم، وهي تدرك أن الصراع الحالي في أوكرانيا هو الفرصة الأخيرة للحفاظ على هذا الموقف.

الحجة الأخرى لوسائل الإعلام العربية هي أن الغرب لديه معايير مزدوجة: الديمقراطية والحرية؟ جرائم حرب؟ حق الشعوب في تقرير المصير؟ هل الولايات المتحدة التي قصفت صربيا وليبيا، وغزت أفغانستان والعراق، هي الأكثر أهلية للدفاع عن القانون الدولي؟ ألم تستخدم أيضاً الذخائر العنقودية والقنابل الفوسفورية وقذائف اليورانيوم المنضب؟ تم توثيق جرائم الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق على نطاق واسع ولكن لم تتم مقاضاة مرتكبيها.
لقد احتُلت فلسطين بالكامل منذ عقود (بينما احتُلت أوكرانيا جزئياً فقط لبضعة أسابيع) ولا تزال جرحاً مفتوحاً في الشرق الأوسط، ومع ذلك، فهو لا يبعث على أي تضامن للحكومات الغربية مع الفلسطينيين، تلك الحكومات التي تواصل منح إسرائيل تفويضاً مطلقاً.
مع تلاشي الانقسامات الأيديولوجية القديمة، ومع وعود واشنطن بنظام دولي جديد بعد حرب الخليج الأولى (1990-1991) التي تم التخلي عنه في الرمال العراقية، بدأ عالم متعدد الأقطاب في الظهور.
المصدر – لوموند ديبلوماتيك

آخر الأخبار
" التجاري " يسهّل إيداع الأموال في المنافذ الحدودية بالقطع الأجنبي  الشيباني يبحث مع نظيره النرويجي في أوسلو قضايا مشتركة المرفأ الجاف في حسياء الصناعية يدعم تنافسية الاستثمار فعاليات مجتمعية بطرطوس لمواجهة التلوث بالمواد البلاستيكية  معهد واشنطن: العنف الطائفي مرشّح للتصاعد ما لم تتحقق العدالة الانتقالية في سوريا باخرة تؤم مرفأ طرطوس محملة بـ 40 الف طن زيت نخيل لبنان: التنسيق مع دمشق والمنظمات الدولية لإطلاق خطة عودة النازحين السوريين تجميل وصيانة للمرافق في وسط دمشق.. وأحياء خارج دائرة الاهتمام "صحة حلب".. نقل مرضى الأمراض النفسية إلى مركز متخصص العدالة الانتقالية بين المفهوم العام ومطالب الشعب في سوريا  نشاط دبلوماسي سوري مكثف على هامش منتدى أوسلو للسلام فريق طوارئ لدرء مخاطر الكوليرا في درعا نظافة حلب في صيف ملتهب.. تهديد لصحة الإنسان والبيئة   الدراجات النارية.. الموت المتحرك   خطر يهدد الأمن المروري وضجيج متواصل.  مقبرة جديدة في ريف حماة توثق إجرام نظام الأسد المخلوع مرسوم رئاسي بمنح كل مزارع يسلم قمحه إلى مؤسسة الحبوب مكافأة قدرها 130 دولاراً عن كل طن الجامعة العربية: فرض خمس دول عقوبات على وزيرين إسرائيليين خطوة مهمة للمحاسبة  سقط الطاغية.. وقوانينه تُكمل ظلمه..!  بين يَدَيْ وزارة التعليم العالي   38 حادث سير خلال عطلة العيد بالقنيطرة الأولى من نوعها.. ورشة تأهيلية للمعلمين في سلمية