الملحق الثقافي- خلود حكمت شحادة:
هل انتهى دور الرواية الحكائي في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الإنترنت التي تقدم رواياتها بطرق مختلفة؟! وهل هناك من حافظ على عادة القراءة عبر صفحات الكتب والتمعن في الحروف والسطور؟
يبدو انتشار الرواية الحكائية واضحاً على نطاق واسع في المجتمع خاصة بين المراهقين الإناث منهم اللواتي يستمتعن بمشاهدتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وليس قراءتها، بينما نلاحظ الفرق عند طلاب الجامعات حيث لاتزال فئة منهم تتابع الأدب والروايات وأخص بذلك طلاب قسم اللغة العربية ممن يحاولون الاندماج في الأوساط الأدبية والثقافية.
فالرواية في العقود الأخيرة غدت متقدمة على غيرها والكم الروائي العربي في تزايد وتنوع، والروائيون يزداد عددهم، لكن من دون أن يظهر ما يدل على سمة الرواية العربية وتميزها، فالخصوصيات كانت موجودة وواضحة في الرواية حيث أن الحكائية العربية ليست ميداناً عارضاً، أو موضوعاً للتجاوز الحتمي نحو الأشكال والصياغات الحديثة حتى وإن بدت سهلة وممكنة بالتدريب أو الموهبة.
ومن الجدير بالذكر أن قرناً من الزمن أو أكثر مضى على دخول الرواية إلى الثقافة العربية وكان لها دور كبير في تنمية مهارات القراءة والكتابة عبر الأجيال، ولكن دخولها في صفحات الإنترنت جعلت أوراقها وحبرها لفئة اعتادت عليها وقلة اليوم من يبحثون عن رواية مكتوبة في صفحات حيث يجد الكثيرون مشاهدة رواية في مسلسل من حلقات ممتعة أكثر من قراءتها
وبالعودة إلى موضوعنا الأساسي وهو دور الرواية الحكائي نجدها بين الأوساط الاجتماعية والفئات العمرية على اختلافها منتشرة ويتناولها الجميع ولكن بطرق وأشكال مختلفة، منهم من يقرأ عبر صفحات مطبوعة باستمتاع كبير ويعيش مع شخصيات الرواية في خياله وربما يسقط أحداثها بطريقته ليفسر الأحداث ويحلل وينتقد وغالباً هؤلاء الأشخاص يعيدون قراءة ذات الرواية مرات ومرات وتراهم يشجعون غيرهم على القراءة والاستمتاع بالأحداث في سطور.
من جانب آخر يلجأ البعض لمشاهدة أحداث رواية ما عبر حلقات مسلسل أو فيديوهات سريعة تروي الأحداث متمثلة في شخصيات حقيقية أو كرتونية وهذا النوع يتابعه المراهقون بكثرة ونذكر قبل عصر الإنترنت احتلت روايات عبير لدى جيل المراهقين حينها حيزاً كبيراً من أوقاتهم وتبادلوها فيما بينهم وكذلك الزير سالم تلقاها كثيرون من الحكواتي واليوم يشاهدونها في مسلسل وتتمثل شخصياتها أبطال ارتسمت صورتهم بشخصية ما وارتبطت بها، إضافة إلى ذلك اختفت نوعاً ما حكايا الأمهات والجدات من حياة الأطفال حيث كانت يوماً ما هادفة وتحمل قيماً سامية وأهدافاً تربوية تربت عليها أجيال وأجيال وتلك القصص والروايات ذاتها تعاد اليوم بشخصيات الإنمي والكرتون ويتابعها الكبار قبل الصغار ولكن للأسف دون أن تحقق ولو جزءاً بسيطاً مما كانت في السابق عندما كانت مقروءة أو محكية فالألوان والحركات المصورة تخفي طابع الرواية وأحياناً جزءاً من مضمونها لتضفي على ذهن المتلقي هدفاً وهو المتابعة وكسب المشاهدات فقط وكثير من الأهالي لم يعد يهتم بنوعية ما يتابع أبناؤهم وللأسف دون غاية إلا أن يجد طفلهم ما يلهيه ظناً منهم أنه ربما يحصل على وقت تسلية فيه فائدة ولو بسيطة وبالمقابل لو أن الأسرة اهتمت بكتاب مقروء لحققت ثقافة أدبية وتربوية ومخزوناً لغوياً مهماً وكانت الفائدة أكبر لذلك علينا اليوم إعادة إحياء القراءة وتشجيع الرواية الحكائية عم طريق القراءة والدخول في تفاصيل الأحداث وتخيل الشخصيات لنفتح مجالاً للإبداع من جديد ولخلق جيل قارئ قادر على الصياغة ولحماية لغتنا العربية وتاريخ أبجديتنا وتراث أدبائنا فنحن أمة كتبت الشعر والرواية وتميزت وأبدعت في هذا المجال عبر العصور ومن الواجب حمايتها من دخلاء صفحات الإنترنت واللعب على مفردات لغتنا وهويتنا العربية.
العدد 1143 – 9-5-2023