أمّا أن تكون خلايا النحل مُستهدَفة من قبل البعض في مراعيها، ومهدّدة بالأذى والتدمير، وقتل النحل من خلال تسميمه أو حرقه فهذا شأن جديد، وهمٌّ مُختلق وشاذ لم يكن على بال.
ما نعرفه من خلال بعض المعلومات وآراء العديد من الخبراء والضالعين في المعرفة بقضايا النحل وميزاته أنه من الثابت علمياً أن وجود النحل في أراضي المحاصيل والأشجار المثمرة يؤدي إلى زيادة الانتاج وتحسينه، وليس فقط كذلك ففي العديد من دول العالم التي تهتم بالقضايا الزراعية بشكلٍ جدي يقوم الكثير من المزارعين باسترضاء النحّالين وجذبهم بل وإغرائهم بالمال من أجل وضع خلايا النحل في أراضيهم للاستفادة من مزاياه في تلقيح الأزهار الذي ينعكس بطبيعة الحال على ضمان عقد الأزهار وزيادة الإنتاج.
والنحل بداهة لن يميّز بين الأرض التي تمكث فيها الخلايا وتلك الأراضي المجاورة، فهمّه أن يجني عسلاته من أي زهرة تلوح له، يطير من الخلية في رحاب السماء ليغط على الحقول المزهرة ويتنقل من زهرة إلى زهرة، يقايضها بين الرحيق والحياة، يعطيها غبار الطلع الذي يحمله فتضمن الأزاهير اكتمال دورتها الحياتية في كل الأراضي التي يغطّ عليها، ويسحب من زهورها رحيقاً ينقله إلى الخلايا ليصير عسلاً في الشهد هناك.
لا يخطر على البال أن أحداً يمكن أن يستعدي أسراب النحل إزاء ما تقدمه من فوائد جمّة لها منعكسات اقتصادية وغذائية وحياتية، ولكن المؤسف فقد ظهر مؤخراً من تخلّى عن كلّ الأعراف والمفاهيم ليعلن عن نفسه أنه عدوّ للنحل .. !
معلومات مؤكدة وموثوقة تشير – مع الأسف – إلى أنه ما أن يقوم بعض النحالين في بعض الأماكن بالاتفاق مع صاحب الأرض لوضع نحله، حتى يتفاجأ بعد يوم أو يومين ببدء رسائل التهديد والوعيد وعبر السوشيال ميديا من أصحاب الأراضي المجاورة وغير المجاورة بالإقدام على تسميم النحل أو حرقه، فيضطر النحال مرغماً لنقل النحل مرة واثنتان وثلاثة وهذا الأمر يرهق النحال والنحل ويضرب الموسم أو يجبر النحال إلى إرضاء جميع أهالي القرية والدفع لهم ليصل بذلك إلى خسائر محققة، إنه فن جديد من فنون الضرر غير المسبوقة .. !
المشكلة أن هذه القضية التي أثارها اتحاد نحّالي سورية لا تخضع لأي قانون ينظمها ولا حتى لأي تعليمات، وهي في الواقع من الطبيعي أن لا ترقى إلى ضرورة تنظيمها بقانون أو حتى بقرار، إذ يكفي التوافق رضائياً بين النحّال وصاحب الأرض، وهذا ما كان يحصل عبر سنوات طويلة، ولم نسمع أن أي مشكلة قد حصلت جراء ذلك، ولكن ما دام الأمر قد وصل إلى هذا الحدّ صار من الضروري أن يُجرى بحث جدي عن هذه القضية وأبعادها، تمهيداً لتنظيمها ضمن تشريع مناسب يضمن سلامة الخلايا، ويحترم حرية صاحب الأرض، ويعالج هواجس أصحاب الأراضي المجاورة سلباً أو إيجاباً تبعاً لحقيقة ومرامي الاعتراض والتهديدات الحاصلة.
الشيء الإيجابي الذي يدفع باتجاه الإسراع بالوصول إلى تقييم الحالة وتنظيمها هو وجود أذرع حكومية منتشرة في كل المناطق، ولاسيما الوحدات الارشادية الزراعية والبلديات، إذ يمكن الاستعانة بها سريعاً مادامت أيامنا الربيعية لا تزال مليئة بالأزهار، أو على الأقل إصدار تعاميم إسعافية سريعة حالياً إلى كافة البلديات والوحدات الزراعية والارشادية ومديريات النواحي والمناطق بتسهيل أمور وضع النحل على المراعي وعدم السماح لأي شخص بالتعرض للنحل أو ترحيله إلا عن طريق الوحدة الإرشادية أو البلدية .. أو أي حل آخر ريثما تتضح الصورة بالبحث أكثر عن هذا الفن الجديد بالضرر ومراميه الغريبة.