ظافر أحمد أحمد:
يبدأ المشهد الأميركي الأسخن على لسان الديمقراطيين بالصراخ: يجب رفع سقف الدين كي لا تتزعزع الثقة بالاقتصاد الأميركي,.. صرخة الرد تأتي من الجمهوريين: نوافق إذا خفضتم الإنفاق.
تنخفض نبرة الديمقراطيين: هذا يؤثر على برامج الرعاية الاجتماعية، ولكن يمكن زيادة الإيرادات برفع الضرائب على الشركات الكبرى.
بهدوء يؤكد الجمهوريون: لا نوافق.. ويستمر المشهد الأميركي حتى نخاله عربيا كأنّه من مطولات دراما الجوار الأميركي، ولكنه في حقيقة الأمر تنافس انتخابي على مدار الساعة بين حزبين يحاول كل واحد إفشال برامج الآخر، ولكن يتوافقان على إشعال أزمات العالم وتسويق الشخصية الأميركية الهوليودية الخارقة في وصايتها على الإنسانية.
الاستقطاب اليوم حول قضية سقف الدين الأميركي التي تتوضح كشأن عالمي، إذ تتحسب الأسواق العالمية من ارتدادات أيّ تطورات سلبية في عجز الولايات المتحدة الأميركية عن سداد ديونها، كونها تنعكس على قيمة الدولار وسياسات الفائدة وجهود مواجهة التضخم والركود الاقتصادي.
ومع كل إجراء أميركي تجاه الفائدة والتضخم والركود والمصارف والتحفيز الاقتصادي وسقف الدين والعقوبات والحصار .. تثبت فظاعة الخطأ الاقتصادي العالمي بارتباط الاقتصاد العالمي بالدولار الأميركي,.
تعودت الولايات المتحدة على الإنفاق بأكثر من الإيرادات، ووجدت تاريخيا أنّ الاقتراض هو الوسيلة لسداد فواتيرها، وسقف الاقتراض يحدده الكونغرس، الذي يرفع السقف كي لا يقال إنّ أكبر اقتصاد في العالم يترنح تحت وطأة الديون..
ولكن هل تساءل العالم (دافع الثمن) عن حقائق الإنفاق الأميركي الكبير الذي يؤدي إلى مسرحية ومعضلة الدين وسقفه ورفعه..؟
إنّه الإنفاق العسكري الباهظ الذي ينافس شتى منافذ الإنفاق الخاصة بالضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وبرامج التحفيز الاقتصادي..وغيرها..، وخصوصا الإنفاق الكبير الذي نجم عن حروب الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وحاليا في أوكرانيا، فمن يتتبع ما تسميه واشنطن مساعدات عسكرية لأوكرانيا لا يمكنه إلاّ التوثق من أنّ الحرب الأوكرانية هي حرب الولايات المتحدة ذاتها..، والتي مازالت تشغل المرتبة الأولى في حجم الإنفاق العسكري مقارنة بأي دولة في العالم.
وها هي شركة الأبحاث الألمانية “ستاتيستا تؤكد أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خصصت مساعدات عسكرية لكييف أكثر مما أنفقته الولايات المتحدة سنويًا على حربها في أفغانستان.
الموضوع عنوانه سقف الدين وحقيقته: كيف تنفق واشنطن أموالها؟ لهذا لا يسمع من الولايات المتحدة إلاّ طقطقة السلاح لحماية أمنها القومي حتى في وجه مواطن يضيع في المتاهة الصومالية أو الأوكرانية على سبيل المثال، وأنّها تحصن من أمنها القومي عبر زيادة الإنفاق على قواعدها في دول آسيوية وأوروبية وصولاً إلى “قاعدة التنف” التي ترعى تنظيم داعش تحت شعار “محاربة داعش” في سورية.. إنّه الإنفاق الذي لا يختلف عن النفاق إلاّ لغوياً.
التالي