أيمن الحرفي :
أغلبية الأسر السورية تعيش هذه الأيام حالة من القلق والترقب حيال الامتحانات سواء كانت الانتقالية أم امتحانات الشهادتين، ولا تألو وزارة التربية جهداً إلّا وتقدمه من استعدادات وتوطئة للامتحانات من تعليمات، وأوامر وتجهيزات لنجاح فترة الامتحانات.
أما بعض الأبناء فقد وصلوا الليل بالنهار ضمن تنظيم للوقت وبإطار برنامج للدراسة والتمرين والحفظ للوصول إلى أعلى درجات مراتب النجاح.
فيما تستنفر العزيمة وتتولد الهمم وتتضافر الجهود استعداداً للامتحانات سواء الإعدادية أم الثانوية والتي باتت على الأبواب.
وعلى الطلاب أن يضعوا نصب أعينهم شعار النجاح الكبير: «ليس من إنسان عظيم دون امتحان كبير» ففي يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان كما يقال.
والطالب يعيش حالة الهلع والقلق فنومه خفيف وطعامه قليل، ولديه ما يشغله مع استثمار الوقت في الدراسة للتحصيل الجيد.
ويعلو عند الأهل السؤال الكبير: كيف نتصرف مع أولادنا وما هي السبل للوصول إلى حالة سليمة وصحيحة، وتالياً ما هي الأجواء و الأشياء الواجب توفيرها لإيصال أولادهم إلى بر الأمان ومن ثم التقدم والنجاح و تحقيق الدرجات العالية..
و البديهي ان البدء لا يكون الآن وإنما المفروض ان تكون عملية تراكمية تبدأ مع بداية العام في دراسة المنهاج والكتب المقررة وهذه الفترة ما هي إلا وقت لاسترجاع و ترتيب الأوراق والاستعداد للامتحان، فالتحضير للامتحان يبدأ منذ الحصة الأولى في العام الدراسي والطالب المتفوق لا يترك واجباته تتراكم والوحدات الدراسية تتجمع مراعيا بذلك التقييم المرحلي الأسبوعي و الشهري والفصلي.
والمتفوق من الطلاب يبدأ بتقسيم برنامج التحضير والإعداد منذ بداية الدراسة، واضعاً نصب عينيه الابتعاد عن أعداء ومعوقات النجاح، متسلحاً بالثقة بالنفس مع علو الهمة واليقظة فقد قيل: «بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى» فعليك بمسك مفاتيح التفاؤل للوصول للنجاح والتوفيق وبلوغ أسمى الغايات، واخلع رداء التفكير السلبي ولا تفتح أبواب الفشل، فأبواب النجاح مشرعة ولكنها تقتضي الاجتهاد في الدرس والتحضير، وصدق من قال: لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا.
وعلى الأهل والمدرسين والإداريين والموجهين إدراك أن مستوى قياس النجاح يتحدد من خلال الطالب الواثق من نفسه الذي يبدأ بقراءة الدرس والنقاط الرئيسة مقسماً الدرس أو الوحدة إلى عناوين كبيرة ثم فرعية ثم إحاطة شاملة بالموضوع بما يحقق الترابط بين فصول الدرس، يأتي بعدها القراءة التفصيلية والدراسة بتركيز عال وترتيب واضح للحفظ الجيد والاستيعاب الأفضل للوصول إلى أفضل النتائج.
فلا يهمل الرسوم التوضيحية ولا الجداول مجيباً على التدريبات و الأسئلة الموجودة بنهاية الدرس أو الوحدة، إذ لا يمكن الحفظ دون فهم، فاستيعاب الموضوع وتفسيره ضرورة لا غنى عنها لتحقيق النتائج الأعلى ويندرج تحت ذلك فهم القوانين والمعادلات والقواعد والنظريات ومن ثم الإجابة شفهياً وكتابياً على الأسئلة والتسميع والتحضير لما في ذلك من أهمية كبرى في الكشف عن نقاط الضعف والأخطاء.
ولا يخفى على أحد أن التسميع مرآة للذاكرة ووسيلة قوية لتثبيت المعلومات والمحافظة عليها، فالعقل الواعي والعقل اللاواعي سيرسخ ويثبت ويعزز المعلومات والمفردات التي تكتب من سؤال وجواب، وأفضل الطرق للتسميع وتثبيت المعلومات والدروس هي طريقة التسميع الشفهي والتبادل مع زميل دراسة نثق به ونعرف إمكاناته التي لابدّ أن تكون متقاربة مع إمكانات ولدنا.
هنا ينصح علماء النفس والتربية بتقسيم أوقات اليوم الدراسي، فالطالب في مرحلة التحضير للامتحان يجب أن تكون ما بين 12 – 14 ساعة دراسة موزعة على ثلاث أو أربع مراحل و كل ساعتين أو ثلاث لابد من استراحة لا تتجاوز الساعة يقضيها بنوم أو قيلولة او مشاهدة برنامج كوميدي والخطر كل الخطر أن يقضيها بوسائل الاتصال كـ»النت والفيس أو الواتس»، فهي من مدمرات الحفظ لما لها من استهلاك للوقت والفكر وعدم الشعور بضياع الزمن وتشتيت الذهن وهدر المعلومات والوقت.
ولا ننسى نصيحة علماء النفس والتربية بتوفير البيئة المناسبة للدرس والمراجعة والتحضير ولا يحتاج ذلك إلى إمكانات كبيرة كما يظن البعض ولا يعلق البعض من الفاشلين أمور فشلهم على افتقادهم لإمكانات أخذها غيرهم أو أنهم قليلو الحظ.
والأمثلة كثيرة عن طلاب نالوا العلامات الكاملة وهم يعيشون ظروفاً قاسية وفي بيئة غير مناسبة «صحياً أو بيئياً أو نفسيّاً»، ولكنهم امتلكوا التصميم والإرادة.
وفي مفهوم البيئة المناسبة هناك اختلاف بين الناس فيها ولكنها تتلخص بوجود مكان مخصص للدراسة وهدوء نسبي يختلف من بيت لآخر مع أهمية الغذاء المتوازن ما أمكن ذلك بحسب توفرها في هذه الظروف المعيشية القاسية والابتعاد عن المنبهات والأدوية و المنشطات.. فهي هدامة للعقل ومضيعة للتركيز والحفظ وتخفيف الزيارات و الاستقبالات مع تقديم التشجيع والدعم النفسي.