خلف الأبواب المغلقة، بعيداً عن الشفافية و المكاشفة لبرلمانات دوله وإمعاناً في غموض إستراتيجي ممنهج للتهرب من أي مساءلات عن انتهاكات ترتكب، يعقد جنرالات الناتو وقادة حروبه جلساتهم السرية، ووراء جدران محكمة العزل عن الإعلام والهيئات المعنية بتشريع الخطوات، يحيك الناتو ذراع واشنطن والغرب الاستعماري شبكة مؤامراته ويصوغ سيناريوهات الاستهداف ويحدد إحداثياتها، تلك خلاصة ما أراد التلميح له موقع “Responsible Statecraft” التابع لمعهد كوينسي الأميركي في مقالة نشرها لفت خلالها إلى أن ثمة ما يحاك في الخفاء من مكائد ضد روسيا من دون الإفصاح عن حيثياتها وإن عرف مغزاها وغاياتها.
اللافت هنا أن السرية المتعمدة من الناتو لا تتعلق بعدم كشف مخططات عسكرية لتمدد نفوذه التوسعي وحصار موسكو.. بل إن المسألة تأخذ طابعاً مغايراً تتعلق بصيغة لا أخلاقية لانتهاكات تقترف وفظائع وحشية يرتكبها الناتو، وإن ثمة مخططات يسعى لتنفيذها أركان حروب دوله، وهي جرائم بحق الإنسانية.. يخشى الإفصاح عن آلية تنفيذها والأساليب الوحشية المتبعة لبلوغ الأهداف منها، فالغايات الدنيئة تبيح المحظورات الإنسانية والأخلاقية، وهذا بالضبط ما مارسته واشنطن وحلف عربدتها في مناطق كثيرة من العالم، استهدفها جموح هيمنتهما فقوض أمنها ونزع فتيل استقرارها.
عشرات آلاف الأطنان من القنابل المحظورة و المحرمة دولياً أمطر بها الناتو العراق وليبيا ومئات الألوف من المدنيبن ضحايا وحشيته في كل مكان تدخل فيه تحالف الشر الأميركي، والأرقام مثبتة في الاحصاءات والتوثيقات لمنظمات حقوقية و دولية لا يحجبها غربال أكاذيب.
جرائم الناتو سلسلة ممتدة على اتساع رقعة عدوانيته وشواهد إجرامه ماثلة ومثبتة بالأدلة والبراهين من العراق إلى أفغانستان إلى ليبيا، ودماء ضحايا عربدة الهيمنة عالقة على مخالب ديمقراطيته بانتظار تجريم ومساءلة مؤجلة إلى حين نفض المحاكم الدولية المعنية بالمحاسبة غبار ارتهانها لواشنطن وشركاء إرهابها الأطلسيين.