الملحق الثقافي- سامر خالد منصور:
ثقيلة حبّات المطر على وجوه المتعبين، كَدرٌ هو الشتاء في كؤوس لياليهم، فَزَعٌ موحشٌ
أحلام البؤساء، عميقة كهاوية، لزجة كالأوصال النازفة.
الليل يُنقي الهواجس، تستطيل الأفكار فيه كدمعة نفسٍ حزينة، أنى تورقُ الآمال في أحلامهم؟!
سُكان الرصيف الحزانى، هشة بسماتهم كالثلج، خاوية عيونهم خرساء، ككهوف الكواكب
البعيدة.
أطفالٌ وجوههم الصغيرة لم تتعلم كيف تشكّل ملامح، سوى للعجب والخوف، يرون كثيراً منا
ومما نمتلكه .. كأننا السراب، ليسوا يلمسون شيئاً، أذرعٌ قصيرة، عيونٌ واسعة، أفواه جائعة،
عقولٌ ليس فيها، إلا حَصير المشاهد والصور، على أرضٍ من حصى الأسئلة،
من هؤلاء الصغار؟ من هؤلاء غداً ؟ جند من سيكونون؟ وإلى أي مدى ستسيل دماؤنا
كي لا يسيل لعابهم مجدداً ؟!
من هؤلاء الصغار؟ من نحن حتى نترك صغارنا ينمون، كعُشب الرصيف، في تشققات هذا
دروب الوطن .. أمهاتهم من لحم ذابل، يجلسن في شرفاتٍ من أفواه الغياب، يتدفأن على
الذكريات .. كم هي مُرّة القهوة حين تحتسيها من فنجان الليل، كم هو متطفلٌ هذا الليل، يحدق
في أجسادنا.
بكل عيونه النجمية.
وحين النهار، صاح طفلي :
أمي الشمس تقع علينا، رأسي يكاد يحترق.
عزيزي : وقحة هي سماء المدينة، عارية، لا ترتدي تنورة خضراء، لا جوارب من ظلال
حتى نختبئ فيها.
العدد 1146 – 6-6-2023